عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

أسبوع الوئام بين الأديان هذا العام

هذه السنة هي الخامسة لإحياء أسبوع الوئام بين الأديان (الأسبوع الأول من شباط)، بعد أن وُلد في الفكر الأردني الهاشمي، وتمّ تبنيه في الأمم المتحدة بالإجماع. ولهذا العام خصوصيته، فكيف نتحدث عن الوئام في عامٍ نما فيه العنف والتطرف والاستخدام الخاطىء للدين، فضلاً عن خطابات الكراهية التي تمطر العالم بها فضائيات ومواقع التواصل «السلبية»؟ وماذا نقول ازاء ذروة الإساءة إلى الأديان عبر الصحف المغرضة والخالية من المعنى، وإن صدرت مغلّفة ومتوهمة بحرية التعبير كحق من حقوق الإنسان.
يبدأ أسبوع الوئام هذا العام في وقت يستضيف فيه الأردن عدداً من المؤتمرات في القاعات المكيّفة جيداً، وباحتفاليات أصبحت جزءاً من الإيقاع السنوي، وهو شأن يتميّز به بلدنا منذ عدّة عقود. وفي الوقت ذاته يستضيف إلى اليوم أكثر من ثمانية آلاف مهجّر مسيحي من الموصل وسائر المدن والقرى العراقية، بسبب إيمانهم الذي عمره أكثر من ألفي عام. فكيف نحيي أسبوع الوئام هذا العام ونحن متأرجحون بين قاعات المؤتمرات وقاعات ايواء المهجرين؟ وعلى ماذا ينبغي التركيز؟

للإجابة على السؤال، أعود إلى ذكرى مرور خمسين عاما على وجود المعهد البابوي للدراسات العربية والإسلامية في مدينة روما PISAI، بعد أن قضى في بلد التأسيس، تونس، مدة طويلة حافلة بالنشاطات (1926-1965). وقد تم الاحتفال به في الجامعة الحبرية الأُربانية في روما قبل أيام، بمؤتمر دوليّ حمل عنوان: «دراسة وفهم دين الآخر؛ نحو الاعتراف المتبادل بين الديانات والثقافات في عالم اليوم». وكان ختامه بلقاء مع البابا فرنسيس في الفاتيكان، الذي ألقى كلمة سلّط فيها الضوء على أهمية الحوار الإسلامي المسيحي اليوم، ووضع إشارات تفيد للمستقبل، ومنها:
أولاً: بعد العديد من الجهود المبذولة، وبالرغم من سوء الفهم والصعوبات، ينبغي التركيز على أهمية الإصغاء الواحد للآخر، لأنه قيمة تحتوي بعداً تربوياً للوقوف على قيم الآخرين، وتقدير اهتماماتهم وتطلعاتهم، وتسليط الضوء على معتقداتهم. والاصغاء لا يكون بأن أحدّد، مسبقا، ما أريد أن أسمعه من محاوري، وأنّما ما يريد هو أن يقول.
ثانياً: إنّ الحوار والعلاقات بشكل عام لا تلخص لمجرد «توفيقية بسيطة» والتي تقول «نعم» لكل شيء كي تتحاشى الدخول في المشاكل. إن النقطة الأولى – الإصغاء – تقود إلى اتقاء الثانية، التوافقية البسيطة. بل هي عملية تشاركية وتبادلية في القيم الجميلة في كل دين. وهذا يقود إلى ثقافة أبعد من الحوار المجرّد، أي ثقافة اللقاء وكل ما يحتويه هذا المصطلح من «رقيّ واتيكيت» وارتقاء بالعلاقات بعيدا عن مرحلة المجاملات.
ثالثاً: إنّ الحوار الإسلامي المسيحي اليوم يحتاج إلى الصبر والتواضع مرفقَين بدراسة معمقة، وهذا يتطلب تحضيراً وتربية مستمرة والتزاماً حثيثاً لا يبنى أمام منعطفات التاريخ والسياسة التي تحاول تشويه دين الآخر وصبغه بصيغات العنف والتطرّف والإرهاب. انه يستدعي ولا يستعدي، التربية والتنشئة والمقدرة على الصمود في وجه تيارات الكراهية للمضي قدماً على درب الوئام والاحترام لشخص الآخر، وحياته وكرامته وحقوقه المستمدة من تلك الكرامة، وسمعته وملكيّته وهويته الإثنية والثقافية، وأفكاره وخياراته السياسية.
أسبوع الوئام، مبادرة أردنية، تبني أممي، صعوبات وعراقيل، لكنّ الساحة الدينية لا يمكن أن تترك للتطرّف وأهله وأتباعه والمروّجين له والمتعاطفين معه.
Abouna.org@gmail.com