قراءة في تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان
بموضوعية واضحة شخص التقرير العاشر للمركز الوطني لحقوق الانسان الذي تسلمه جلالة الملك عبدالله الثاني ورؤساء السلطات الثلاث من رئيس مجلس امناء المركز الاستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت حالة حقوق الانسان في الاردن خلال العام الماضي 2013م ما عكس اهمية احترام الدولة لحقوق الانسان واحترام التزاماتها تجاه مواطنيها والمقيمين على اراضيها على حد سواء.
وظهر الاهتمام الرسمي في حقوق الانسان من خلال اتخاذ الحكومة الاردنية خطوات تنفيذية تمثلت بالالتزام باعادة النظر في عدد من القوانين والتشريعات المتعلقة بالحريات العامة مثل قانون الاحزاب وقانون المطبوعات والنشر وتشكيل لجنة مشتركة لوضع خطة وطنية لحقوق الانسان تلبية لاحدى توصيات التقرير التاسع للمركز واستجابة الحكومة السريعة للتوجيهات الملكية بحيث اقرت تشكيل لجنة وزارية قامت بدورها بمسح شامل لواقع حقوق الإنسان في المملكة من حيث الالتزامات المترتبة على السلطات المختلفة تجاه المقيمين في البلاد: مواطنين وغير مواطنين.
وطرح التقرير من جهة اخرى تساؤلات حول تعدد التوصيات التي قبل بها الأردن او رفضها خلال المراجعة الدورية الشاملة الثانية في تشرين الأول عام 2013م، واتفاقية اللاجئين لعام 1951م، والبنود التي يتحفظ عليها الأردن في هذه الاتفاقية وهل لجان التحقيق التي يشكلها الأمن العام في شكاوى المواطنين وغيرهم ضد مرتكبي أفعال التعذيب تنسجمُ مع المعايير الدولية؟ ومتى تستطيع الاجهزة الامنية استخدام القوة ضد المتظاهرين، وما هي الاسس والقواعد الناظمة لذلك؟
ولم يكتف التقرير بذلك بل شمل التطورات على الساحة العربية وانعكاساتها على الاردن وقال ان ما آلت اليه نتائج ثورات الربيع العربي في عدد من الدول العربية ساهمت من جهة في توسيع فضاءات الحرية والمشاركة العامة أمام قوى المجتمع المدني التي ازدادت جرأة وتصميماً في مطالبتها بالإصلاح والديمقراطية وبممارسة الحرية بأشكالها المختلفة والكرامة ومحاربة الفساد والسلطوية لكنه – اي الربيع العربي – من جهة أخرى قد انحرف عن أهدافه الحقيقية لينتهي به المطاف إلى الفوضى والعنف وبالتالي تهديد حقوق الإنسان الأساسية في كثير من المجتمعات العربية.
ورصد التقرير حالة حقوق الانسان في مختلف المجالات السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية مسجلا وقوع انتهاكات مختلفة، واوصى في هذا المجال بالإسراع في تبني التشريعات الخاصة بالعقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية، وكذلك معالجة موضوعي الفقر والبطالة، واصلاح التعليم وتوفير الغذاء والدواء السليمين في اطار مستوى لائق من الرعاية الصحية للمواطنين. كما توصل المركز الى مقاربات هامة حول ابرز الانتهاكات لحقوق المرأة وهي غياب سياسات التمكين الفعالة وغياب الاستراتيجيات والتشريعات الكافية لمعالجة الانتهاكات التي تقع على المرأة والفتيات لأسباب اقتصادية.
وما من شك في أن تأكيد رئيس مجلس امناء المركز الوطني لحقوق الانسان على اهتمام جلالة الملك البالغ بحقوق الانسان ومتابعته لجهود المركز بشكل متواصل يوفر مناخ الطمأنينة ويمنح شعوراً بالارتياح لكل الاردنيين والاردنيات بأن بلدهم وقيادتهم الفذة ضامنة وحريصة على حقوق الانسان والحريات العامة كضرورة وطنية وأحد شروط نجاح مسيرة الاصلاح الشاملة التي يقودها جلالة الملك بكفاءة واقتدار واخلاص.
tareefjo@yahoo.com