كعكة خالد طوقان الصفراء!
لو قيل لك أن هناك مشروعا لتخفيض فاتورة الكهرباء الخاصة بك من 60 دينارا مثلا، إلى 30 دينارا فقط، وأن المياه التي تأتيك مرة في الأسبوع، ربما تأتيك مرتين أو اكثر، فهل كنت ستوافق على مشروع كهذا؟
لا أريد أن أتوغل أكثر في لعبة الأرقام، التي لا أجيدها، لكن مسألة المشروع النووي الأردني، هو على نحو أو آخر من الممكن أن يحقق للمواطن شيئا مما ذُكر أو أكثر بكثير جدا، وإلى ذلك…ثمة جملة من الملحوظات..
أولا/ أحيط هذا المشروع بكثير من الشائعات والأقاويل، وصوره البعض باعتباره مشروعا خاصا بالدكتور خالد طوقان، وناله في ذلك ما ناله من سهام، لاعتبارات تتعلق بوظائف تسلمها قبل ترؤسه الطاقة الذرية الأردنية، ويبدو أن ثمة من أراد تصفية حسابه الشخصي معه، عبر التهجم على مشروع الطاقة النووية الأردني، وتصويره وكأنه مشروع «خاص» بالدكتور خالد طوقان ولمنفعته الشخصية!
ثانيا/ مشروع الطاقة النووية الأردني هو مشروع الدولة الأردنية، وهو مشروع سيادي، يتعلق باستقلال وتدعيم القرار الأردني، لأنه يوفر طاقة وماء للأردن، وهما سلعتان شكلان هاجسا للأردن ونقطة ضعف مؤرقة لكل الحكومات، كما أنهما يستنزفان جزءا ضخما من ميزانية المواطن العادي، ويسهم المشروع النووي الأردني في حل هاتين المعضلتين، ولهذا يجب أن يحظى هذا المشروع بدعم غير محدود من قطاعات الشعب الأردني كافة، خاصة وأن الأردن لم يأت ببدعة في هذا المجال، فكل دول العالم المتقدمة تعتمد على توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية، وتستخدم بعض الدول الطاقة لتحلية المياه، وقد أكرم الله الأرض الأردنية بمخزون ضخم من اليورانيوم اللازم لإنتاج هذه الطاقة، وهو احتياطي استراتيجي لا يقل في أهميته عن البترول أو الصخر الزيتي، أو الغاز، ومن الأجدى للأردن أن يستفيد من هذا المخزون لتوليد الطاقة، لا أن يجعله سلعة صالحة للتصدير على صورة ما يسميه العلماء «الكعكة الصفراء» وهي الشكل النهائي المستخلص لليورانيوم بعد التكرير، وفق ما فهمت!
ثالثا/ لقد حرصت الدول الاستعمارية، والمناهضة للعرب على حرمان الدول العربية من الاستفادة من الطاقة النووية سواء للاستخدامات السلمية أو العسكرية، ومشروع هيئة الطاقة الذرية الأردنية يستهدف استزراع هذه التكنولوجيا في الأرض الأردنية، وتدريب كوادر أردنية شابة لإدارتها، بمعونة خبراء دوليين، علما بأن مجالات استخدامها متعددة في الطب وفي غيره، ولا يتعلق الأمر بصناعة قنابل ذرية فقط، كما هو شائع، علما بأن هذه التكنولوجيا مستزرعة في كيان العدو الغاصب منذ الخمسينيات، وكلما «دق الكوز بالجرة» يذكرنا هذا العدو بأنه دولة نووية، وانه قادر على «سحقنا» وأنه متقدم علميا علينا وأنه وأنه… فلم نحرم الأردن من الدخول هذا المعترك، بحجة مزاعم لا تصمد أمام العقل والمنطق؟
رابعا/ حجة من يعارض البرنامج النووي الأردني من المواطنين المخلصين، ما يمكن أن يشكله من مخاطر بيئية، وهي مخاوف مشروعة، لكنها كلها تتبدد حينما نعلم ان مثل هذا المشروع لن يقام إلا بعد اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات السلامة والحفاظ على البيئة، كما هو الشأن في البلاد التي تستخدم الطاقة النووية، ونحن لسنا استثناء، الغريب أن من يعارض هذا المشروع أيضا إسرائيل، التي حاولت عرقلته المرة تلو المرة، واتخذت في ذلك شتى الطرق المتاحة، فكيف تستوي الأمور مع من يلتقي في معارضته مع عدو الأمة الأزلي؟
الكلام كثير، لمن يريد أن يعلم حقيقة الأمر، وأن «الكعكة الصفراء» الغنية بها أرضنا، ليست كعكة خاصة بالدكتور خالد طوقان، الذي حاز درجة الدكتوراه في الفيزياء النووية، قبل أن يُكمل السادسة والعشرين من عمره، بل هي كعكة لكل المواطنين الطيبين!