خدمة العلم .. مشروع وطني .. لا أداة ترويج حكومية
وكالة الناس – حالة من الارتياح عمت الوطن في ضوء الإعلان الرسمي للقوات المسلحة الأردنية ـ الجيش العربي ـ عن تأجيل دعوة المطلوبين لأداء خدمة العلم بالصيغة التي أقرتها الحكومة مؤخرا إلى اشعار آخر بسبب انتشار وباء كورونا. حالة الارتياح التي عمت الشارع، ليست تعبيرا عن عدم رغبة بتطبيق تلك الخدمة الوطنية، التي طالما تم التعبير عن ضرورة استدعائها لعلاج أكثر من حالة تربوية وسياسية واقتصادية واجتماعية.
وإنما أملا بأن تكون تلك الخطوة مقدمة لإلغاء الفكرة المهجّنة، التي طرحتها الحكومة والتي يعتقد العامة أنها مجرد محاولة لتسخير القانون لأغراض تتعلق برفع مستوى شعبيتها المتواضعة، فقد كان واضحا منذ أن صدر قانون خدمة العلم أن الدولة الأردنية تتعامل مع هذا البرنامج كمشروع وطني، وكواحد من ثوابت الدولة العميقة. وتعززت تلك القناعة بعدما تغيرت الظروف والمعطيات، حيث تمسكت الدولة بالقانون، وقررت تجميد العمل به.
كما تعززت عندما رفضت الدولة بكل مكوناتها الاستجابة لبعض الأصوات التي طالبت بإلغاء القانون، وتجذرت القناعة في أكثر من حالة، من بينها الاستمرار بتفعيل بعض عناصر القانون، طبقا لمتطلبات الحالة الأردنية، وعبر الأردنيون عن تمسكهم بالقانون من خلال اعتباره حلا للكثير من الإشكالات التي واجهت الوطن، وغيرها التي أصابت الشباب ممن هم في عمر التجنيد.
ومن خلال المطالبات الشعبية الواسعة بالعودة إلى خدمة العلم، والنظر إلى تلك الخطوة المطلوبة كعلاج لحالة الترهل الشبابي التي اتسعت دائرتها تحت ضغوطات البطالة والفراغ، والتطور التكنولوجي والمعلوماتي الهائل، في مجال الغبطة الشعبية بقرار التأجيل، هناك تقدير واسع لفهم” الجيش” بأن الظروف الحالية ليست مناسبة لاستدعاء آلاف الشباب المطلوبين للخدمة في وقت تتمسك المرجعيات الصحية بمطلب التباعد كواحد من أبرز مفردات الحد من انتشار وباء كورونا.
وهناك تقدير واسع أيضا للفهم العميق لمعطيات القرار الحكومي بتطبيق الخدمة في هذا الظرف، والمتمثلة بمحاولات فريق حكومي التهرب من استحقاقات البطالة، ورميها في ملعب غير ملعبها، ومن عناصر التقدير لسلامة القرار الذي اتخذه الجيش العربي أيضا، الإدراك بأن الحكومة قد استعجلت تطبيق خدمة العلم دون دراسات كافية وقامت بإدراج عناوين كبيرة قد يكون من الصعب تطبيقها على أرض الواقع، أو بسبب عدم توفر عناصر النجاح لها.
من ذلك على سبيل المثال، مشروع زراعة الأشجار على الطرق الصحراوية، فالأشجار موجودة، لكن المياه اللازمة لسقايتها قد تكون متاحة لمرة أو مرات، لكنها ليست كافية إلى الأمد الذي يكفي لرعايتها طويلا. ففي الشارع، هناك ثقة مطلقة بالقوات المسلحة الأردنية، وهناك ثقة متدنية جدا بالحكومة، وهناك قراءات ترجح رغبة الأطراف التي لا تتمتع بالثقة في اكتساب قدر منها من خلال الاحتماء بأصحاب الثقة العالية.
وبين هذه وتلك، هناك محاولات حكومية لتسجيل بعض الإنجازات الحقيقية، أملا بتغيير الصورة وتبييض الصفحة التي امتلأت بإنجازات وهمية في مجال محاربة البطالة، التي يقدر بعض الخبراء ملامستها حاجز الثلاثين بالمائة.
كتب. أحمد الحسبان