تدويل المنطقة .. كولونيالية جديدة
وكالة الناس – حدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته قبل الأخيرة للبنان، والتي أعقبت انفجار ميناء بيروت، عدة شروط لإخراجها من أزماتها المتلاحقة التي لا تنتهي، بدأها الرئيس الفرنسي بضرورة تغيير صيغة التوافق السياسي فيه داخل لبنان، وأنهاها بالحاجة إلى تدخل صندوق النقد الدولي ليساهم في حل أزمتها، وإلاّ فالأمر سيذهب – دون أن يصرّح علناً – إلى تدويل قضية لبنان والوصاية الخارجية عليه.
وبالطبع يعرف الرئيس الفرنسي، أنّ التوافق السياسي مستحيل في لبنان على الأقل، فهو نظام محاصصة، ولأنّ الدول الكبرى ومنها بلاده لا تريده، وغني عن القول أنّ مسألة تدويل لبنان لو حصلت ستُسقَط على بعض دول المنطقة بكل تأكيد.
إذن نحن أمام مرحلة مختلفة عن سابقاتها، عنوانها: كولونيالية جديدة بمفاهيم ومعطيات حديثة وجديدة كلياً، ربما تكون أسوا وأخطر من السابقة، خاصة مع تجديد المستعمر الأوروبي القديم لأطماعه في المنطقة، ومع دخول لاعبين جدد مثل روسيا، وحضور قوى أخرى فاعلة كالصين وغيرها، إضافة لوجود رؤية أمريكية جديدة للمنطقة في عهد الرئيس دونالد ترامب تختلف عن السابقة.
وعليه، فإنّنا ذاهبون ربما نحو التدويل والوصاية، بكل ما سيترتب على ذلك من تفاصيل وأثمان وعمليات تفكيك وتقسيم للدول القائمة إلى كيانات جديدة، خصوصا أنّ بعض دول المنطقة هي بشكل أو بآخر تحت التدويل كسوريا والعراق وغيرهما، وبعضها مُرتَهن اقتصادياً للخارج لصندوق النقد الدولي وغيره من الجهات المانحة، وهناك دول في طريقها للإفلاس والاستنزاف مالياً، والأوضاع الداخلية مفكّكة ومأزومة فيها، والنخب والأطراف السياسية متناحرة ومتصارعة على “من يحكم من؟”، ولا توجد رؤية واضحة للخروج من المأزق الحالي.
لكن، لماذا يحدث كل هذا؟
لسيبين إثنين: لأنّنا فقدّنا القدرة على الوقوف والمجابهة، ولذلك عوامله المعروفة، والسبب الثاني: لأنّ الآخر، لن يتوقف عن استباحتنا ما دمنا كذلك.
وبالتالي، هل هي نهاية الدنيا بالنسبة لنا؟ بكل تأكيد لا، فعدا أنّنا أمة حيّة، والتاريخ يشهد على ذلك، يمكن لصدمة الكولونيالية الجديدة أن تسري دماءً في عروقنا، كما أسرت صدماتنا وتراجعاتنا وخلافتنا دماءً في عروقهم.
كتب. الصحفي “خالد الروسان”