ثورة كادبوري المباركة!
في ماليزيا شبه ثورة؛ لأن الماليزيين يقولولون: إن شركة كادبوري للشوكولاته خدعت المسلمين بإضافة بعض مشتقات الخنزير على منتجها الشهير من الشوكولاته.
دول عربية اخرى نفت أنْ تكون هناك أي مشتقات للخنزير في الشوكولاته التي تصلها، والعالم العربي والإسلامي مشغول اليوم بالثورة على لوح الشوكولاته، وعلى هذه الخديعة الدولية المؤلمة التي أدّت إلى إدخال محرمات إلى الطعام.
بيد ان هناك ماهو أهم، ولايغضب بشأنه المسلمون، دون ان ننكر حق الناس في إبداء قلقهم بشأن دينهم، وما يمس عقيدتهم من جهة الحلال والحرام.
المفارقة أن أغلب العالم الإسلامي تعرض إلى خدع دولية تتجاوز الكادبوري بكثير، وأغلبنا صامت كما الموتى في القبور، من الاحتلالات إلى التجهيل والتجويع وسرقة الثروات والتقسيم، مرورا بالامية والمجاعات والأمراض، وكل واقع العالم الإسلامي مثير للغضب.
تكفينا حروب الجاهلية بين المسلمين على اساس الكراهية العرقية والدينية والمذهبية، تكفينا الاحتلالات للقبلة الأولى للمسلمين التي لم نعد نرى لها اثرا على المسلمين، إلا ببيان من هنا أو هناك.
تكفينا الحروب الأهلية والمذابح في كل مكان، من أفغانستان وصولا إلى ليبيا، والعداد مفتوح في كل مكان، وصولا إلى المجاعات التي تقتل الملايين سنويا.
هذه ليست مناسبة للانتقاص من الثورة على كادبوري، لكنها مناسبة للتذكير بالأولويات، ومادمنا نتحدث عن الشوكولاته المشبوهة، فليقل لنا كثيرون في العالم الاسلامي عن القدرة الفنية المتوافرة -أساسا- في أغلب العالم العربي والإسلامي لفحص آلاف الأصناف التي تدخل البيوت من الأدوية وصولا إلى الأطعمة، حتى لا تبقى القصة محصورة بالكادبوري؟!.
قصة كادبوري قصة قد تحركها حرب تجارية -في الأساس- بين شركات وجدت في الحلال والحرام مدخلا لتدمير أسواق بعضها البعض.
في النهاية يسعد المرء إذا وجد من يغضب لدينه، غير ان الغضب في العالم الإسلامي غير راشد، وغير منتج، وليس ادل على ذلك من الغضبة على الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم نشهد بعد الغضب فيلما واحدا يقدم النبي صلى الله عليه وسلم بطريقة أخرى ردا على الاساءات، والأمر ذاته يمتد إلى كل القضايا، غضب صوتي، كونه سببا في الثواب.
يكفينا في ثورة الكادبوري المباركة تهديد «الأشقاء الماليزيين» انهم يريدون تأسيس مجموعات ارهابية لمعاقبة الشركة البريطانية، وهكذا تتحول القصة من غضبة للدين إلى إساءة للدين؛ لأن الغرب لم يعد يرى فينا إلا القتلة، من إرهابيي المطارات وصولا إلى إرهابيي الشوكولاته مرورا بـ»بوكو حرام» التي أباحت خطف صبايا مسيحيات لتغيير دينهن قهرا.
ثورة كادبوري المباركة مثل ثورة «البوكيمون» المباركة، وغيرها من ثورات، تقول، إننا تركنا كل مصائب العالم الاسلامي وانشغلنا بالأقل اهمية، هذا على افتراض ان اغلب العالم الاسلامي الفقير والجائع لايأكل الا الشوكولاته من شتى انواعها، وخصوصا الكادبوري اللعينة.
ليتكم تثورون اولا من اجل قليل من الحرية والكرامة والخبز، ثم من اجل استعادة النسخة الاصلية النقية الجميلة من الاسلام، بدلا من آلاف النسخ المزورة التي تم الصاقها بنا في نظر العالم، بحيث اصبحنا مرفوضين في كل مكان.
كادبوري ملعونة، من الصومال الجائعة الى كابول المفخخة، مرورا بالشام الذبيحة، والمؤكد ان شعوب هذه الدول ستقاطع الكادبوري بعد أن استهلكت ملايين الأطنان التي ذابت في أفواه أطفالهم، وعلى شفاه نسائهم!.