عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

رسائـل «الصناديـق» مـن الإخـوان واليـهـم أيضا..!

الرسالة التي وصلتنا من صناديق الانتخاب لهذا العام، سواءً في النقابات أو الجامعات، تشير بوضوح الى “أن جماعة الإخوان” ما تزال تحظى بأكبر نصيب من الأصوات، وأنها تجاوزت محاولات اضعافها وتشويهها، وبالتالي فإن أي كلام عن تراجعها في الشارع، أو تأثرها بما جرى “للإخوان” في محيطنا العربي، يبدو مجرد انطباعات أو رغبات، ولهذا فهو يحتاج  مزيدا من التدقيق…ناهيك عن التصحيح.

يمكن أن يقال إن “الانتخابات” لا تعكس بالضروروة الوزن الحقيقي”للإخوان” على الأرض،وان قوانينها تتلاءم مع قدرة الجماعة – كتنظيم-  على الحشد واجتياح الصناديق بخلاف غيرها ممن لا يملكون هذه “القوة” التنظيمية، ويمكن أن يقال إن فوز الإخوان في النقابات والجامعات هو نتيجة لغياب الآخرين المؤهلين للتنافس، أو نتيجة لـ”تراكمات” عقود مضت كرَّست الجماعة فيها جهودها لبسط نفوذها على هذه المرافق العامة، بحيث أصبح من الصعب اختراقها في المدى المنظور ، أو  أن محاولات التضييق والاقصاء التي تعرضت لها جاءت عكس الاتجاه المطلوب، وبالتالي انتصرت “المظلوميّة” على كل هذه الدعوات والمحاولات.

لاشك، أن بعض هذه الاسباب تبدو مفهومة وصحيحة، لكن المؤكد ان “الاهداف” التي سجلتها جماعة “الاخوان” في المرمى السياسي “دعك من المهني” لا يمكن لأحد أن يشكك بنزاهتها ولا  بـ”قيمتها” المعنوية ولا أيضاً بدلالاتها السياسية،وإذا كانت –في جانب- تعكس التزام الدولة بالحياد النسبي تجاه الصناديق (دعك الآن من الأسباب) فإنها تعكس في الجانب الآخر ما لدى الإخوان من رصيد،لا تقل –هنا- إنه رصيد نخبوي باعتبار أن الانتخابات التي جرت تمثل “النخبة” فهو وإن كان كذلك الاّ انه “مؤشر” حقيقي على وجود الرصيد الشعبي الذي ما زالت الجماعة تحتفظ به رغم كل الظروف التي تحيط بها.

لا ضير إذا شعر الإخوان “بنشوة الفوز”،فهذا حقهم الطبيعي،وهم في هذه اللحظة أحوج ما يكونون اليه، لكن لنتذكر أن لهذا الفوز حسابات واستحقاقات، كما ان له اوجهاً اخرى بحاجة الى تدقيق، منها ان “استحواذ” الجماعة على هذه المرافق يعني ان بلدنا عاد مرّة اخرى لثنائية الدولة والاخوان،وان “الشركاء” الوطنين خرجوا خاسرين في نهاية المباراة، وبمقدار ما يدعم ذلك فكرة “تفرد” الاسلاميين في الساحة فإنه يضرّ ايضاً بهم،ويجعلهم في مرمى نيران الآخرين من خصومهم، ناهيك عن انه يدفع باتجاه “تصميم” قوانين انتخابات على مقاس “الصوت الواحد” ما يكبدنا – كمجتمع – خسارات دفعنا جزءاً من ثمنها فيما سبق.

من الاستحقاقات ايضاً ان توقيت هذا “الفوز” جاء متزامناً مع حملة “الاضعاف” التي تتعرض لها الجماعة، خاصة على صعيد “صراعاتها الداخليّة” ومحاولات شق صفوفها وتقسيمها، وهنا كان يفترض على الجماعة ان “تكتفي” بالإنجاز التي تحقق على الارض لإبراز قوتها وتماسكها، دون ان تدخل في سجالات داخليّة اضرّت بصورتها، وحشدت الآخرين ضدها،وفتحت “العيون” على خطورة امتداد نفوذها وامكانية انتصار منطق الغلبة فيها على منطق المشاركة.

أخشى ما أخشاه – هنا تحديداً- هو ان يدفع “الفوز” الجماعة الى الوقوف فوق “برج” التحدي، خاصة فيما يتعلق بتعاملها مع “المتحفِّظين” على ادائها من الداخل،صحيح ان ذلك مجرد افتراض تحاول “القيادة” الحالية ان تثبت عكسه من خلال المقررات التي اصدرتها مؤخرا ( تمديد مدة استئناف محاكمة قادة زمزم،او تشكيل لجنة للحوار معهم) لكن الصحيح ايضاً أن ثمة انفاساً نطالعها في كتابات البعض خرجت عن هذا السياق وأخذت لغة من التحدي الذي لا يمكن أن يفهم بمعزل عن الفوز الذي تحقق.

ربما تدرك “الجماعة” ان انتصارها في “الصناديق” الانتخابيّة هو بمثابة رد الاخرين على مواقفها وعلى التحية التي ألقتها باتجاه جماهيرها الذين كشفوا “نوايا” غيرها،وانحازوا بالتالي اليها لأنهم لم يجدوا البديل، لكن لابدّ أن تدرك ايضاً أن هذا الانتصار سيكون لا قيمة له إذا ما خيبت آمال المتعاطفين معها والمؤيدين لها، أو إذا ما “خسرت” بترتيب بيتها الداخلي ولم تنجح باستيعاب ما لديها من كفاءات حتى وإن اختلفوا معها، وقسوا عليها، او حتى خرجوا منها.

بعد هذا الفوز لدى الإخوان خياران، احدهما يشكل فرصة ذهبية وهو ان تتصرف من موقع “القدرة” فتقدم منطق الشراكة والسماحة والعفو على منطق “القصاص” والمحاكمة وحتى العدل،سواء تجاه ابنائها او الاخرين فتثبت عندئد أنها تستحق ثقة الذين صبوا أصواتهم لها،وتبعث برسائل تطمين لكل الاطراف بأن صدرها أوسع مما يتصورون، أما الخيار الآخر فهو أن تتصرف بمنطق “المنتصر” الذي جاءته اللحظة لكي يصفي حساباته مع خصومه، أو يثبت أنه الأقوى والأصوب والانجح،وأن غيره لا يستحق الرحمة ناهيك عن العدل، وبالتالي فإنها ستحظى بتصفيق بعض الجالسين على الشرفات، لكنها ستخسر جمهورها الحقيقي،وتتحول الاهداف التي سجلتها الى كوابيس ستدفع استحقاقاتها ولو بعد حين.

إذا سألتني: أيّ الخيارين سترسو عليه سفينة الجماعة،سأجيبك من وحي الأمنيات، الخيار الأول، فيما تبقى الإجابة الأخيرة – دون الاستعانة بأي صديق- في جيب الجماعة، هذه التي اعتقد أنها ما تزال تحتفظ بـ”عقلها” رغم ما يحيط بها من جنون !