هل الأرض كروية؟؟
طبعا تعرفون قصة الكرة المستديرة التي تسمعونها خلال اي تحليل رياضي بين الشوطين…. حيث ، يطيب للمعلقين الرياضيين ،خصوصا حينما يرغبون بالتباهي في درجة موضوعيتهم، يطيب لهم الإدعاء بأن الكرة مستديرة، تعقيبا على سؤال من المذيع حول توقعات المعلق الرياضي لنتائج إحدى مباريات كرة القدم، وقد يكون الأمر تملصا وهروبا من الإجابة بطريقة مباشرة.
وبدون معلمانية على أحد ابدا، فالمقصود طبعا بأن الفرص متساوية، وهناك إمكانية دائما بأن يفوز هذا الفريق أو ذاك ، لأن الكرة كروية (عبقرية فذّة) وهي متساوية المقاييس ومحايدة تجاه الفريقين، ولا تكيل بمكيالين، مثل: الأمريكان، وداء الملوك(النقرس).
الإجابة مخاتلة ومراوغة، لا بل هي كاذبة، إذ صحيح أن الكرة مستديرة، وهذه معلومة يعرفها حتى المهابيل، لكن ذلك لا يدل اطلاقا على أن الفرص داخل الملعب متساوية، فهذا افتئات على الحقيقة والواقع والممارسة العملية الحيّة،فلا وجود للفرص المتساوية بين الفرق غير المتساوية، الا في قاموس الحمقى.
تخيلوا مثلا، أن الكرة المستديرة سوف تؤدي الى أن يغلب المنتخب الأردني المنتخب البرازيلي، دون أي اعتبار للتجربة الطويلة ولا التفرغ ولا الانتخاب الطبيعي من عشرات الملايين من البشر في الحالة البرازيلية، ومن ستة ملايين اردني لا يفرقون بين الكرة ورأس الجميد!!
هذا ينطبق تماماعلى الفرق غير المتساوية في كل دول العالم ، وعلى الفرق ضعيفة المستوى اذا لعبت مع ريال مدريد او برشلونة أو غيرها، والفوز مستحيل، واستدارة الكرة لا تكفي للفوز، إذ أن الفريق الأقوى والأكثر لياقة وتجربة واحترافية هو الذي يستطيع أن يحول الكرة المستديرة الى مطية لأقدام لاعبيه ورؤوسهم يرسلها الى داخل منطقة الخصم، وأنتم أدرى بالباقي.
لو بقيت الحال على كرة القدم أو غيرها من الألعاب الرياضية، لما زعلنا، وما ناقشنا الموضوع في الأصل على طريقة (يصطفلوا). الموضوع سيكون مجرد ترفيه ولعب اولاد ولن يخسر من هذه الإدعاءات سوى أولئك الذين يراهنون على الفرق والألعاب .لكنهم يطبقون نظرية الكرة المستديرة على الحياة ومجرياتها.
صحيح أن الكرة الإرضية مستديرة، أو شبه مستديرة بالأحرى، لكن العدالة غير موجودة اطلاقا حتى بين الفرق المتساوية، لمجرد أن الشروط الموضوعية غير متساوية . فماذا سيفعل عبقري فيزيائي – مثلا- في العالم العربي أكثر من أن يشتغل معلما في مدرسة نائية أو على الأكثر استاذا جامعيا يحال إلى التقاعد سريعا؟؟؟ وهل تتساوى فرصه مع أي فيزيائي اقل عبقرية يعيش في أمريكا أو اوروبا أو اي دولة تحترم انسانية الانسان في العالم.
وما فرصة طفل عبقري في قرية عربية نائية – في السودان مثلا- في أن يكون أكثر من حارس عمارة أو عسكري، واين هي الكرة المستديرة بالنسبة الى فرص طفل ابيض يعيش في نيويورك، لا بل اين هي الكرة المستديرة من فرص البيض والسود في أميركا ذاتها…
للأسف، فإن العالم ليس مكانا مناسبا للعيش إلا للأكبر والأقوى والأقل ضميرا. الذي يحكم العالم ليس الكرة المستديرة بل نظرية البقاء للأصلح الداروينية التي يتم تطبيقها اجتماعيا (الداروينية الاجتماعية)، أما الضعفاء فليس لهم الا الكفاح من أجل تحسين شروط العبودية .
وتلولحي يا دالية