0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

ابتسامات المصالحة … وهواجسها؟!

الابتسامات العراض المرسومة على وجوه القادة الفلسطينيين، لا تزيدنا تفاؤلاً بمستقبل المصالحة الوطنية الفلسطينية، معظم هؤلاء استحق منذ زمن، جائزة “الأوسكار” لأفضل ممثل ثانوي، لكن الجائزة لا تمنح للأسف لغير المنخرطين في صناعة السينما … ونحن بانتظار أن نرى خطوات عملية تتدحرج على الأرض، لنتأكد من صدقية “ضحكاتهم التي تشق عنان السماء.

“اتفاق الضرورة”، نعم … لقاء “المأزومين” نعم … لكن السؤال الجوهري إلى أي حد سيمضي “الإخوة الأعداء” في مشوار المصالحة وإعادة توحيد الأجهزة والمؤسسات، وكيف سيتعاملون مع مختلف الشياطين القابعة في ثنايا التفاصيل؟ … أسئلة وتساؤلات، لا تجد أجوبتها في الابتسامات وحدها، وستظل مطروحة برسم الأسابيع والأشهر القليلة القادمة.

وفي التفاصيل، شهدنا بعد اتفاق غزة، اعتقالات في صفوف حماس في الضفة الغربية، رافقتها استدعاءات وتحقيقات … من يفعل ذلك، وفي أي سياق، وعلى أية خلفية … وهل ينسجم ذلك مع محاولات بث روح المصالحة والوحدة الوطنية … هل هناك من يريد تعطيل هذا المسار، ومن هم هؤلاء: من فتح يريدون إحراج حماس وإخراجها؟ … أم من حماس، يريدون اختبار “التنسيق الأمني”، لإحراج فتح وإخراجها؟ … أم هم طرف ثالث، متضرر من المصالحة؟ … من هم هؤلاء؟

وفي التفاصيل أيضاً، محاولة “صقور حماس” في قطاع غزة، تصوير المصالحة، كما لو كانت “عودة الابن الضال”، لسان حالهم الصريح يقول: أن خيار المقاومة انتصر في غزة، فيما خيار المفاوضات انهزم في الضفة الغربية، فجاء أهل هذا الخيار، تائبين طائعين، يخطبون ود “المقاومين” … رواية لا تليق بطالب ابتدائي، وليس بسياسي من مرتبة عضو مكتب سياسي.

لكن ما يجري هنا، وما يجري هناك، إنما يشف عن وجود قوى مناهضة لخيار المصالحة والوحدة، وهي وإن كانت مضطرة للانحناء أمام العاصفة الوحدوية التي تهب على رام الله وغزة، إلا أنها تحرص أن تُطل برأسها البشع، عند كل منعطف أو زقاق، والأرجح أنها ستنشط بقوة في قادمات الأيام، لزرع الألغام وبث العراقيل والمثبطات، عندما يشرع الجانبان في تشكيل الحكومة، ومن بعدها مجلس الأمن القومي واللجنة الأمنية العليا وهيئة تفعيل منظمة التحرير وتوحيد الأجهزة، ومصائر الموظفين، ومن يرث ومن لا يرث، من أبناء الجهازين البيروقراطيين المتنافسين في شطري الوطن المحتل والمحاصر.

نحن متفائلون بقرب تشكيل الحكومة، وأحسب أنها حاجة للطرفين، وأحسب أن الحكومة كـ “بناء فوقي”، ربما تكون أسهل ملفات المصالحة وأقلها تعقيداً، لا سيما وأن أسس تشكيلها ووظائفها ورئاستها وحتى عدد وزرائها، جرى بشأنها توافق مسبق، ما زال ساري المفعول.

لكن أسئلة “ما بعد الحكومة”، أسئلة “البنية التحتية” للحكومة والسلطة والمنظمة، هي ما تثير قلقنا … ماذا إذا تعطل إجراء الانتخابات بسبب العراقيل والعوائق الإسرائيلية؟ … إلى متى ستستمر هذه الحكومة، وهل بالإمكان القفز إلى الملفات الأخرى، اللاحقة للانتخابات؟ … وماذا إذا جرت الانتخابات فعلاً، ورضخت إسرائيل لضغوط المجتمع الدولي المتفهم لحاجة الفلسطينيين لإجراء انتخابات عامة … هل ستقبل الأطراف بنتائج الانتخابات وتذعن لها؟ … هل سيجري نقل حقيقي السلطة في رام لله لحماس، إن هي فازت في الانتخابات … هل ستتخلى حماس عن السلطة في غزة لفتح، إن فازت الأخيرة في الانتخابات؟ … أم أننا سنشهد إعادة انتاج تجربة 2006، سواء من قبل فتح أو على يد حماس هذه المرة.

عقدة الأجهزة الأمنية ستظل واحدة من أهم العقد التي تعترض طريق المصالحة، ولقد رأينا سجالاً قوياً منذ الآن، يندلع حول “العقيدة الأمنية” لهذه الأجهزة، وحول مستقبل التنسيق الأمني مع إسرائيل، إلى آخر ما هنالك من إشكاليات تتصل بحاجة كل فريق للاطمئنان على سلامة وجوده، خشية من بطش الفريق الآخر، وهل ثمة غير الأجهزة المتوازية من وسيلة لبعث الطمأنينة في النفوس في ظل انعدام الثقة والخوف المتبادل؟

بعض التصريحات الفلسطينية، تشي بطبيعة الخلافات اللاحقة، وتعكر صفو المناخات الاحتفالية المصاحبة لاجتماعات غزة والدوحة … وهي وإن كانت تصدر عن أشخاص كارهين للمصالحة ورافضين لها، إلا أنها في واقع الحال، تعكس حقيقة المواقف والهواجس والمخاوف الداخلية لكل فريق، وتعرض بكل بساطة لأجندة الخلاف بين الجانبين، بعد أن بالغ المحتفون بالمصالحة، في إظهار إمارات التفاؤل وتباشير البهجة… وأنصح بمتابعة مواقف هؤلاء، فهي الأقرب للحقيقة والواقع، ولنا في تجارب سابقة عبرة لمن اعتبر … لقد انتصر هؤلاء وأسقط في يد المتفائلين، فهل يختلف المشهد هذه المرة؟