الإبتسامة الهاربة من ثغر الأردن
تلك المدينة أقل ما يقال عنها بأنها جميلة جداً، إذا تثاءبت تدفق من أعماقها فوج من حوريات البحر، يتراقصن طرباً على أصوات أهازيج الصيادين “المُسَمسمة”، تنام وعلى خديها مواويل العشق كأسراب حمام تغفو وهي تحلم بالتحليق
على محيط خصرها تتشابك أشجار النخيل، كجنود يعزفون بسنابك خيولهم سمفونية الانتصار، إذا هززت جذوع نخيلها، تتساقط عليك رطب الحكايا، معجونة بنسيم البحر، في ليلة صيفية قائظة
إذا تعب أهلها أناخوا بهمومهم على الشاطئ مداعبة حصاه بوشوشات الخلاص، أهلها ممتلئون بالطيبة حد الإفاضة، عقباويون إلى حد السياحة!! بارعون في السباحة في البر وفي البحر
بين فكي غلاء المعيشة وعيش الكفاف، يطحنون أحلامهم في بيوتهم بجليد اللجوء، مع كل نبتة سكنية جديدة شامخة، تظل منطقة “الشلالة” تذكرنا بهيروشيما وناجازاكي، تُقصف في كل يوم بقنابل إهمال ذرية
في هذه المدينة إذا أبرقت السماء أرعدت الألسنة لاهجة بالدعاء: اللهم لا تتوئم بيننا وبين أهل لوط في العقاب، اللهم لا تصريف لمياهك في ظل “سلطة” تسلطت على مدينتنا “ببنية تحتية” فرت بعورتها مع أول قطرة رسولية، نحو غياهب التبرير المُتَلفز
في هذه المدينة إذا أمطرت السماء، تتدلى عناقيد النواح إلى “طبلة أذنك” على ما تهدم من أركان مناطقها، صوت نواح بناتها العشر “من الأولى إلى العاشرة” وهنَّ يندبن أختهن (الشامية) التي انفصلت عنهن إلى غير رجعة يَذبح ليلك الطويل بسكين التساؤل عن تلك الملفات المطوية بأدراج “الشفافية السوداء”
وفي الصباح تكتشف على الفور بأن “كرة” تحمل المسؤولية تتدحرج من مكتب إلى مكتب، ومن درج إلى “برج” اعتلى رأسه قناصون حاذقون، في تعمير بنادق خطاباتهم، في البحث عن اللصوص ومزوري النصوص
في هذه المدينة إذا حاصرتك السيول، فأرح رجالات الدفاع المدني، وسلاح الهندسة الملكي، من صنع بطولة جديدة، إياك وأن تطلق نداء استغاثة، كما وإياك أن تطفر من عينيك الدموع، كي لا تشارك في زيادة ارتفاع منسوب المياه، ولا تخف على بيتك الذي لم تستطع الوصول إليه، وتذكر أن “للبيت ربٌّ يحميه” وقتها فما عليك سوى أن تصنع من يأسك مركباً تجدف به نحو عرض البحر، بعد أن التبست عليك معالم الطريق
وإذا أرغى البحر وأزبد، فإياك أن تنسى قبل أن يلتهمك الموج، أن ترقم على ثبج الماء وصيتك الأخيرة، وإذا نجحت بذلك ولم ترتجف يداك من شدة الخوف، فغازل وقتئذٍ كبير “مفوضي البحر” ليصنع لك في الأعماق مكافأة على استشهادك الأسطوري “سكناً كريماً” لا ينهش كلفته “الفاسدون” المتجذرون، وحينها ستدرك مدينة العقبة، أنها ليست الثغر الوحيد في هذا الوطن الذي سرقت منه ابتسامته
msanjalawi@yahoocom