خبز وشاي!
يبدو أن مرحلة «الخبز والشاي» مر بها عدد لا بأس به من هذه البلاد، ولكن قسما كبيرا منهم تجاوزوها، وقسم كبير أيضا، لم يزل يمر بها، كأنها «مادة إجبارية» في جامعة الحياة في هذا الشرق، الزاخر بالخيرات والجوع!
استوقفتني حملة تكية أم علي بهذا الخصوص، وأتمنى أن تجد الدعم اللازم من كل صاحب كرش متخم، يجهد بكل السبل لإنقاص وزنه، فيما لا تجد نحو 20 ألف أسرة أردنية ما يقيم أودها!
تكية أم علي –بارك الله في عملها- أطلقت على حملتها الجديدة اسم « بس خبز وشاي كل يوم « لنشر الوعي حول نقص التغذية والآثار المترتبة عليه في نمو الأطفال بشكل طبيعي. التكية تأمل في تحقيق هدفها وهو مكافحة الفقر الغذائي والقضاء عليه في الأردن مع نهاية هذا العام، عن طريق إطعام 20,000 أسرة يوميا في كافة محافظات المملكة وعلى مدار العام، فهل تنجح في مسعاها هذا، خاصة وانها تخطط لتزويد هذه الأسر بطرد غذائي شهري، على مدار العام، يحوي 22 مادة غذائية ضرورية.
ترى ما حجم المشكلة في الأردن؟ وهل ثمة جوع حقيقي فيه ؟
يقدر عدد الأطفال الذين يعانون من نقص الوزن في الدول النامية بحوالي 126.5 مليون طفل. ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة فانه بحلول عام 2015 فان نسبة الأطفال الذين يعانون من نقص التغذية ستصل الى نحو 17.6% من تعداد السكان في العالم. وحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» الذي نشر في شهر نيسان 2013 فان عدد الأطفال الذين يعانون من التقزم في الأردن بلغ 65 ألفاً. ووصل الى نسبة (8%) من الأطفال حسب إحصائيات عام (2011).
أسئلة جارحة تطرحها التكية، ضمن حملة خبز وشاي، فهي تسألنا جميعا: كم مرة نتذمر من نوع الطعام المتوفر لدينا؟ كم نصرف على احتياجاتنا الغذائية في الشهر؟ كم مرة نلقي بقايا الطعام في سلة المهملات؟ وكم مرة نخضع لنظام غذائي صارم من اجل إنقاص بعض الكيلوغرامات من جسمنا؟ ولكن هل فكرنا يوما أن هناك أشخاصا يخضعون لنظام غذائي صارم طوال العام من قلة الحال، و أن هناك أطفالا تقتصر وجبتهم اليومية على الخبز والشاي فقط، وأن البعض بالكاد يوفر الخبز والشاي كقوت يومي لأطفاله. وتتخذ الحملة من «ورد» نموذجا لمقاربتها المؤلمة.
فورد طالب في الصف الثالث وجبته اليومية خبز وشاي، ورد شخصية حقيقية في مجتمعنا أطلقته تكية أم علي في الحملة التوعوية لنقص التغذية، ومن المحتمل أن يكون ورد الذي يعاني من نقص التغذية جراء تناول الخبز والشاي فقط هو طفل تراه كل يوم وأنت تذهب الى عملك لكنك لا تدري بحاله، فكثير من الأطفال الذين نراهم يوميا يعانون من نقص التغذية الذي ستنعكس آثاره السلبية على جيل كامل، لماذا؟ لأن نقص التغذية يبدأ من رحم الأم وتستمر آثاره على الطفل مدى الحياة، فتوفر كافة عناصر التغذية خلال فترة الحمل هي أساس ولادة طفل سليم، و من المعروف ان نقص التغذية خلال أول 1000 يوم من عمر الطفل يؤدي إلى انحدار معدلات الذكاء لدى الأطفال، ويؤثر بشكل كبير على وظائف المخ عند تقدم العمر ولا يمكن علاجه، و يؤدي إلى توليد نزعة عدوانية في سلوكهم الاجتماعي تستمر معهم خلال فترة الطفولة وإلى أواخر فترة المراهقة!
ساعدوا تكية أم علي، فالحمل ثقيل، والرسالة سامية وإن توزع الحمل أصبح خفيفا!