0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

«التكتيك الدحلاني» لحماس

من منظور “الوزير المنشق” محمد دحلان، يتعين على كل الطرق أن تؤدي إلى غزة، فهي معقل نفوذه الأول، وفيها صعد نجمه الأمني والسياسي، ومنها انطلق إلى ساحات أوسع، يعزز فيها مساحات نفوذه … فإن كانت الطريق إلى القطاع المحاصر، تمر بحماس، لا بأس من ذلك، ولنضع جانباً صفحات الصراع المرير والتصفيات الدموية وحرب الإلغاء والإقصاء.

لكن السؤال الذي لا جواب “بسيط” عنه، هو: ماذا تريد حماس من علاقاتها الطارئة والمستجدة مع المسؤول الأمني السابق، الذي كرّس من جهوده وموارده، لمطاردة حماس وكوادرها ونشطائها، كما لم يفعل أيً من خصومها؟ … ولماذا تفتح حماس أبواب القطاع المحاصر، لرسل الدحلان ومشاريعه “الخيرية” و”حملات البر والإحسان” التي ما انفك يسيرها في كل حدب وصوب؟

في معرض البحث عن جواب عن هذا السؤال، تذهب التقديرات في كل اتجاه: هناك من يفترض أن حماس ابتلعت طعم الدحلان، وأنها تتعامل معه بوصفه ممثلاً أو مندوباً عن النظام المصري الجديد، الذي نجح في تسديد ضربات مؤلمة للحركة، وإحكام عزلتها في قطاع غزة، وتشديد قبضة الحصار على أنفاقها … وثمة شواهد قليلة وغير جوهرية، تعزز هذه الفرضية، فحماس لم تبق باباً أو وسيطاً، إلا ولجأت إليه للخروج من عنق زجاجة الحصار المصري عليها، وإن كنّا نعتقد بأن حماس أخطأت في سلوك الطريق الأقصر لاستعادة علاقاتها مع القاهرة، وفضلت عليه طرقاً التفافية أخرى، لم تنجح حتى في تمكينها من تحقيق مُرادها، وأقصد بالطريق الأقصر: الانسحاب سياسياً وإعلامياً من الأزمة المصرية الداخلية، وتغليب “الوطني” على “الإخواني” في خطابها وسلوكها وممارستها.

نستطلع ما بحوزة القاهرة ورام الله حول هذا الموضوع، فنرى أن القاهرة تنظر أساساً إلى “المكون الإماراتي” في مكانة ودور الدحلان، وليس إلى “المكون الفلسطيني”، مع أنه لا يجوز إسقاط هذا المكون كلياً، وأن شغف القاهرة بحفظ علاقاتها مع أبو ظبي والحفاظ عليه، يفوق أشواق حماس لاستعادة علاقاتها مع القاهرة … وأن القصة قد لا تخرج عن هذا السياق، أو لا تخرج عنه كثيراً على الأقل.

العصفور الثاني التي تريد حماس ضربه بـ “حجر الدحلان” هو “تطبيع” علاقاتها مع الإمارات ذاتها، ومن خلالها مع عدد من دول الخليج العربية، التي تبدي حماساً في مواجهة الجماعة الأم، منقطع النظير … وعلاقات حماس من موقعها في قلب الجماعة، تأثرت سلباً بالصراع الإخواني – الخليجي، برغم “الاستثناء” النسبي الذي تظهره دول الخليج في تعاملها مع حماس، والذي يبقي قدراً من خطوط التواصل وخيوط العلاقة.

أما العصفور الثالث، فهو “إحراج” فتح والسلطة والرئيس، باللعب على ورقة حساسة “داخلياً”، سيما في ظل اندلاع صراع مكشوف وحرب اتهامات بين الرئاسة والدحلان … وهو أمر مألوف في العلاقات الفلسطينية الداخلية، ولطالما لعب الجميع ضد الجميع، عبر تقديم الدعم لهذا الفريق وحجبه عن ذاك، دعم هذه الجهة المنشقة أو تشجيع مجموعة أخرى على الانشقاق … مع أننا كنا نظن، أن تردي الحالة الفلسطينية وتفاقم الأخطار والتهديدات المحيطة بقضية الشعب الفلسطيني، قد جعل مثل هذه الممارسات، صفحة مطوية من الماضي.

على أية حال، لا يستقيم البحث في هذه القضية، دون طرح السؤال عمّا تريده الإمارات من الدحلان، سيما مع انتشار التقارير المؤكدة عن دعم مالي سخي لحركة الدحلان، وهل يغطي هذا الدعم، حركة الدحلان باتجاه غزة وحماس؟ … وكيف يمكن تفسير هذه المفارقة الإماراتية: حرب شعواء على الإخوان، وقنوات اتصال ودعم غير مباشرة لحماس، يتولى إدارته الدحلان من موقعه “الرسمي” هناك؟

في الحديث عن توقيت هذا التقارب الحمساوي –الدحلاني، تشتد الحيرة في فهم سلوك حماس!! … فالتقارب مع الرجل يأتي في ذروة تباعد الأخير عن الرئيس وفتح والسلطة … والتقارب يأتي فيما السلطة في ذروة اشتباكها السياسي مع إسرائيل والراعي الأميركي، وسط ارتفاع الأصوات الداعية لتسريع مسار المصالحة الوطنية لمواجهة الضغوط والتحديات، وفيما السلطة تعمل على تحريك هذا المسار، وتشكل “مجموعة اتصال” مع حماس، تضم شخصيات فلسطينية متحمسة في غالبيتها، لخيار المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية.

أغلب الظن، أن “تكتيك” حماس الدحلاني، لن يفلح في تحقيق مراميه … فلا مصر اليوم، مشغولة باستعادة علاقاتها مع حماس والإخوان، بدلالة أن الحكم القضائي المصري بإخضاع حماس على الأرض المصرية لقانون محاربة الإرهاب، تزامن من دون قصد، مع زيارة حرم الدحلان الثانية لقطاع غزة … ولا الإمارات ومن يقف معها من دول الخليج، بوارد إضعاف حملتها ضد الإخوان وفتح “ثغرة غزيّة” في جدارها، بدلالة تزامن الزيارة، ومن دون قصد أو تخطيط أيضاً، مع الاقتراح الساخر للمسؤول الإماراتي ضاحي خلفان بضم قطر إلى دولة الإمارات على خلفية دعمها للإخوان …. ولن يترتب على هذا “التكتيك” سوى إشاعة المزيد من أجواء “انعدام الثقة” بين الفلسطينيين أنفسهم، وإلقاء ظلال كئيبة وكثيفة على جهود المصالحة واستعادة الوحدة الفلسطينية.