0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

زلزال سياسي في تركيا..!!

الآن، بوسع ( الفتى الشجاع) أردوغان أن يمدَّ لسانه إلى كل الذين راهنوا على ( سقوطه)، فقد خرج الرجل ( منتصرا) في الانتخابات البلدية التي توقَّع خصومه ان تكون  لحظة للانقضاض عليه واشهار ( انكساره).

الذين راهنوا على نهاية ( العدالة و التنمية)خسروا هذه الجولة لثلاثة اسباب ، اولها: ان ما حققه الحزب بقيادة (أردوغان) من تحولات في المجالات  السياسية و الاقتصادية ، ومن ترسيم جديد لعلاقة الشعب التركي مع هويته ومحيطه الإسلامي، كانت أعمق وأكبر من كل المحاولات التي جرت من قبل لتحريض الشعب التركي ضده، أو لإقناعهم بـ(الانقلاب) عليه، فقد ارتبط أردوغان منذ عقود ( كان رئيسا لبلدية اسطنبول) في ذاكرة الاتراك بـ( الانجازات) التي حققها ،وقد جمع هنا شرعية الانجاز وشرعية الصناديق وهما أصدق بنظرهم من الاتهامات التي ألصقت به ، أما السبب الثاني فهو أن أغلبية الاتراك ادركوا أن(الهجمة) التي واجهها اردوغان ،لا تستهدفه فقط، بل تستهدف تركيا ( الجديدة) ، صحيح أن الذين بدأوا الهجوم كانوا من المحسوبين عليه (جماعة غولن) ناهيك عن خصومه التقليديين، لكن الصحيح ايضا أن الهدف هو اسقاط ( مشروع) نهضة تركيا وإعادتها الى الوراء ، ويبقى السبب الثالث وهو اقتناع المتعاطفين – وحتى المتحفظين على اداء الحكومة- من اوساط ( المتدينين) الاتراك بأن البديل بعد خسارة او سقوط ( اردوغان  وحزبه) سيكون الاحزاب العلمانية ( حزب الشعب الجمهوري تحديدا) وهذا ما وحّد اصوات هؤلاء في الصناديق التي صبت باتجاه (العدالة والتنمية).

ما جرى – بالطبع- كان (زلزالا سياسيا )، يتجاوز في دلالاته وتداعياته وارتداداته  الانتخابات البلدية ، فهو بالنسبة لأردوغان ( لحظة ) حاسمة انتظرها لانتزاع (شرعيته) التي تعرضت للتجريح و التشكيك ، والاثبات  لخصومه بأنهم مجرد ( لاعبين) صغار يحتاجون لمزيد من الدروس ، كما ان انتصاره فيها يفتح امامه الأبواب لإنجازمهمّتين لطالما حلم بهما : أحداهما الوصول الى قصر (قرشايا) حيث الانتخابات الرئاسية التي يطمح بالترشح لها في شهر آب من هذا العام ، والثانية اتمام وضع الدستور(المدني) الذي يشكل اساسا لترسيخ (الجمهورية الجديدة) المنعتقة من حكم العسكر والعلمانية المتطرفة ايضا .

ومثلما كانت الانتخابات بمثابة رد قوي على ( النيران) الصديقة التي تعرض لها في الشهور الماضية ، فإنها – ايضا- كانت ردا على محاولات اقليمية ودولية للقبض على ( الاسلام السياسي) واجهاض تجربته التي كانت تركيا نموذجها (الملهم) لكثيرين في عالمنا العربي والاسلامي،وبالتالي فإن الفوز الذي حققه حزب العدالة والتمية كان بمثابة الرد على  النيران غير الصديقة ايضا ، خاصة فيما يتعلق بمحاصرة الاسلاميين الذين وصلوا الى الحكم ، وربما تكون المخاوف التي عبرت عنها الصحف الاسرائيلية عشية الانتخابات ( ذكرت بأن فوز أردوغان يشكل صدمة قوية لتل ابيب) أحد المؤشرات على (إفشال) التجربة التركية من خلال ( اسقاط) اردوغان ، وهي  ليست مؤشرات فقط  بل ( واقع) ملموس تؤكده الاحداث التي جرت في منطقتنا، حيث الاسلام السياسي أصبح ممنوعا، وحيث استقلال القرار وسيادة الدول مسألة غير مرحب بها عربيا و دوليا.. لأن ذلك يتناقض – ببساطة- مع اطماع الدول و الشركات الكبرى  التي تعتقد ان خرائط عالمنا الاسلامي متطابقة تماما مع ( اسرائيل) و ( النفط) وعليها تقاس درجة التعارض أو التماهي في الحسابات والمصالح والعلاقات الدولية .

إذا دققنا في صورة ( الحدث) الانتخابي سنجد أن أصداءه الداخلية و الخارجية (دعك من ارتداداته القادمة) تجاوزت المسألة ( الانتخابية) المحلية الى قراءات سياسية لها علاقة بمستقبل تركيا و هويتها ونموذجها ( الاسلامي) ولها علاقة – ايضا-  بما يجري في الإقليم من احداث ، وتحديدا في سوريا و مصر و فلسطين ايضا، ويمكن فهم ذلك من خلال ما عبرت عنه الشعوب العربية ، (الإخوان المسلمين وحماس والمعارضة السورية)، من احتفاء بفوز حزب العدالة والتنمية، وانعكاسات ذلك داخليا ، اوضحها اربكان في خطابه بعد (الفوز) حين أشار الى محاسبة الذين أساءوا إليه (جماعة الخدمة وزعيمها غولن) و أن تركيا القوية ستبدأ مرحلة جديدة من النهوض ، بمعنى أن هذه الانتخابات حددت اتجاه الدولة التركية و حسمت خياراتها ، أما انعكاساتها الخارجية فتصب في اتجاهين : احدهما يمنح تركيا مزيدا من الادوار المؤثرة في الاقليم وهذا يجعل الشعوب العربية التي احبطها ما تعرضت له تحولاتها و ثوراتها من محاولات اجهاض اكثر تفاؤلا وأملا بتركيا  التي حافظت على ( مشروعها) وشرعية الحكم فيها ، واتجاه آخر يعكس ( مخاوف) بعض الحكومات والدول من (تمدد) النفوذ التركي ومن ( عناد) اردوغان ايضا، خاصة بعد ما حملته الانتخابات على صعيد الانجاز و الصناديق ايضا .

يبقى أن ما جرى في ( تركيا) يفترض (لا بل يجب) ان يصدمنا و يلهمنا معا ، يصدمنا لكي نصحو من ( غفلتنا) ونبحث عن مشروع ( ديمقراطي) يخرجنا من أزماتنا،ومن منطق الحذف والاقصاء الذي نتعامل به مع مكوناتنا الوطنية، ويلهمنا ايضا لنتعلم من دروسه ما يجعلنا اقدر على رؤية العالم من حولنا …  وفهم لغة الانجاز و الشرعية  الحقيقية”، وارادة الشعوب حتى تفصح عن نفسها و تنتصر على كل العقبات و المحبطات التي تواجهها .