0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

الحرب في سوريا وعليها … من سيئ إلى أسوأ

على نحو مفاجئ ومتزامن، اشتعلت جبتها الشمال والجنوب في الحرب المفتوحة، في سوريا وعليها … وتميزت جولة التصعيد الجديدة، بعدة خصائص ومعطيات نوعية: أولها، أنها جاءت بعد فشل مؤتمر “جنيف 2”، وانسداد أفق الحل السياسي تكتيكياً على الأقل، وتوجه الأطراف نحو الميدان والخنادق لتعديل موازين القوى على الأرض، علّها تذهب لجولة تفاوضية جديدة، بأوراق أقوى ومواقع أشد صلابة.

ثانيها: نجاح قوات النظام وحلفائه، في تحقيق اختراق استراتيجي على جبهة يبرود – القلمون، ما عُدّ نصراً كبيراً لهذا الفريق، يؤهله لتحقيق تفوق سياسي وليس ميدانيا فحسب، وقد تزامن هذا التقدم العسكري، مع تقدم ميداني آخر على جبهة المصالحات الوطنية الداخلية، والتي تكاد تسحب البساط من تحت أقدام المعارضة في مناطق وعلى جبهات بالغة الأهمية.

ثالثها: دخول أطراف إقليمية مباشرة على خط الصراع المسلح الدائر في سوريا … إسرائيل لم تعد تتردد في كشف صلاتها وخدماتها الصحية واللوجستية والاستخبارية وحتى العسكرية، لبعض القوى المسلحة في محافظتي درعا والقنيطرة … إسرائيل شنت سلسلة عمليات ضد أهداف للجيش السوري وحزب الله، إسرائيل لم تعد تخفي تطلعها لإقامة “شريط حدودي” على طراز ما فعلته في جنوب من العام 1978 وحتى العام 2000 … أما على جبهة الشمال، فتركيا انخرطت في القتال الدائر الآن على محورين رئيسين على الأقل: كسب وريف اللاذقية، حلب وإدلب وأريافهما، من خلال فتح الحدود للمسلحين، بمن في ذلك مسلحو “النصرة” المصنفة إرهاباً في مختلف عواصم العالم، تأمين الغطاء المدفعي لمجموعات المعارضة في هجماتها على القوات الحكومية … التصدي لطائرات الجيش السوري، داخل العمق السوري، لمنع النظام من توظيف سيطرته الجوية.

ورابعها: عودة التوتر والاستقطاب والمواجهة إلى العلاقات بين الأقطاب الدولية، وتحديداً على خلفية الأزمة الأوكرانية، الأمر الذي أفضى ويفضي حتماً إلى تعثر جهود إنقاذ مسيرة جنيف من جهة، وسعي كل طرف لتدعيم حلفائه في سوريا من جهة ثانية.

في مثل هذه الأجواء المتوترة، ليس من المنظور كما قال الأخضر الإبراهيمي، أن يعود طرفا الصراع السوري إلى مائدة التفاوض والحوار قريباً … ومن المتوقع أن تشهد ساحات المعارك وجبهاتها، المزيد من الجولات الساخنة، وأن يسعى كل فريق في حشد كل أوراق الدعم والتأييد، لكسب الجولات المقبلة من المعارك، التي يعتقد بعض المراقبين أنها قد تكون الأخيرة، قبل الحسم السياسي، فيما يميل غالبيتهم للتكهن بأن سوريا ستبقى على هذا الحال من كر فر، فوضى وفلتان، ربما لعشر سنوات أخرى قادمة، قد نشهد خلالها تغييرات عميقة في خرائط سوريا الديموغرافية والجغرافية، في ظل عجز الأفرقاء عن الحسم، سياسياً وعسكرياً.

في الأنباء، أن حلفاء إقليميين ودوليين للنظام (طهران وموسكو) حذّروا تركيا من مغبة التدخل المباشر على خط القتال في سوريا، حتى وإن كانت حكومة أردوغان وحزبه، بحاجة لمثل هذا التصعيد على أبواب الانتخابات البلدية القادمة، وبهدف صرف أنظار الشعب التركي عن مسلسل الفصائل والمعارك ضد “غوغل” و”تويتر” …. وفي الأنباء أيضاً ما قاله ولي العهد السعودي في افتتاح قمة الكويت العربية، عن الحاجة “لتعديل موازين القوى في سوريا” … وفي التقديرات أن البعض في واشنطن يدعو للرد على روسيا في سوريا، بعد أن أفلتت موسكو بشبه جزيرة القرم … وفي الأنباء أن إيران وموسكو وحزب الله، ليسوا في وارد التخلي عن الأسد ونظامه، وأن الجميع مستعد للمضي في معركة عض الأصابع لفترة قادمة، لا يعرف أحداً هل ستطول أم تقصر، ومتى ستنتهي.

والخلاصة أننا كلما تفاءلنا بقرب انتهاء المعارك الكبرى في سوريا، كلما داهمتنا معارك كبرى جديدة … وكلما فرحنا لوقف نزيف الدم والهجرة والتهجير، كلما دخلت مناطق جديدة على خط الصراع المذهبي والطائفي، حتى أن أرمينيا دخلت على خط الأزمة السورية، ومن بوابة معارك “كسب”، ذات الغالبية الأرمنية … وكلما نجح النظام في تسديد ضربة استراتيجية للمعارضة، تفرح أصدقاءه وحلفاءه، كلما ردت المعارضة بضربة استراتيجية مقابلة، تعيد الأزمة إلى مربعاتها الأولى.

ففي الوقت الذي كانت فيه الأنظار والتوقعات تتجه جنوباً نحو درعا والغوطة الشرقية وجبهة الجنوب والاختراق المحتمل لخطوط الدفاع عن العاصمة دمشق، فاجأتنا التطورات بانفتاح جبهة الشمال على أوسع نطاق … فهل كان الحديث عن جبهة الجنوب تكتيكاً تمويهياً للتغطية على ما يُحضّر شمالاً؟ …. أم أن دخان المعارك في الشمال، إنما يستهدف التعمية على ما يجري من استعدادات على جبهة الجنوب كما يقول بعض المحللين والمراقبين، أم أن الحلف المعادي للنظام وحلفائه، قرر خوض المعارك على الجبهتين معاً، لتشتيت قوات النظام وإفراغ مكتسباتها الميدانية على جبهة القلمون من قيمتها الاستراتيجية؟

أسئلة وتساؤلات، تثير حيرة المراقبين، فيما الحرب العبثية، ما زالت تقتل وتدمر وتهجر المزيد من المواطنين.