«حظر» حماس في مصر!
لم تكن حماس موجودة في مصر «رسميا» كي يتم حظرها، (هي موجودة في وجدان كل أبنائها الشرفاء!) بل إنها ليست موجودة في أي بلد عربي «رسميا»، حسب علمي، فهي «حالة» وفكرة وخفقة قلب، وليست تنظيما فقط، شأنها شأن بقية فصائل المقاومة الفلسطينية، التي تعترف بها إسرائيل أكثر من أي بلد عربي، وتتعامل معها كواقع وبمنتهى الاهتمام والحرص، أكثر من حرصها على أي بلد عربي!
حظر حماس بحكم قضائي مصري، كان يقتضي أن تكون موجودة أصلا، ولكننا نعيش اليوم زمن العجائب والغرائب، فحسب حيثيات القرار «المصري» الصادر عن محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة، يقضي القرار بوقف نشاط حركة المقاومة الإسلامية «حماس» الفلسطينية، داخل مصر، وحظر أنشطتها بالكامل، والتحفظ على مقراتها داخل مصر (أين هي المقرات؟!) الدعوى «المستعجلة « حركها سمير صبري المحامي ضد رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور، ورئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي، ووزير الداخلية محمد إبراهيم، بطلب الحكم وبصفة مستعجلة باعتبار حركة حماس منظمة إرهابية(!) وتشير الدعوى إلى أن «حماس نشأت كحركة مقاومة إسلامية في فلسطين، غير أنها تحولت لمنظمة إرهابية بعدما اعتنقت فكر جماعة الإخوان المسلمين» .
طبعا هذا القرار «القضائي!» ليس له من رائحة القضاء شيء، فهو قرار سياسي بامتياز ويأتي لأغراض داخلية محضة، لا قيمة له على المستوى الدولي، كما يقول رئيس اتحاد المحامين العرب في المملكة المتحدة صباح المختار، باعتبار أن القضاء المصري مسيس منذ وقت طويل، وأن استهداف «حماس» وقبلها جماعة «الإخوان المسلمين» يؤكد الاستخدام السياسي له، كما يقول، فضلا عن أن القرار «لا سند له على الأرض، فهو قرار سياسي ولا علاقة له بالقضاء، فلم يتم تقديم الأدلة الكافية لمثل هذا القرار، ثم إن حركة حماس هي حركة سياسية وقد تعاملت الحكومات المصرية معها في جميع مراحلها، ولها مع مصر تفاهمات حدودية، كما أن الحركة فازت بانتخابات عام 2006 وتمثل جزءا أساسيا من الشعب الفلسطيني، هذه كلها دلائل ملموسة تؤكد أنها حركة سياسية وليست منظمة إرهابية» وهذه حقائق لا تشطبها قرارات محاكم .
وبعد، فبقدر استغرابنا من هذا الحكم ، نستغرب موقف حركة فتح التي بررت القرار، باعتبار أن حظر «حماس» ناتج عن تدخلاتها بالشأن المصري، وانحيازها لجماعة الإخوان المسلمين، على حد تعبير أحد المتحدثين باسم فتح، وكان حريا بهذا المتحدث النأي بنفسه عن هذه المهاترات المجانية، فهي لن تجدي نفعا لدى نظام مصر ، بل إنها تعمق هوة الانقسام بين أبناء الشعب الفلسطيني، الذي ترعاه وتغذيه أنظمة ودول، لا تعنيها مصلحة هذا الشعب!
بقي أن نقول، إن هذا القرار يضيف إساءة جديدة لمصر وتاريخها، ولا يمس لا بحماس ولا بأبنائها، ممن يعتبرونها فصيلا مقاتلا، ناجز العدو وآذاه أكثر مما آذته كل الدول العربية مجتمعة، بمن فيها مصر.
حماس حينما انطلقت من رحم الشعب لم تأخذ ترخيصا من قضاة مصر ولا من أنظمة العرب، واستمرارها قرار فلسطيني، لا شأن لأحد به، والشعب الذي احتضنها، هو من يستطيع حظرها فقط!