0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

عن «سعد حداد 2» وشريطه الحدودي الجديد

إن صحت الأنباء التي تداولتها صحف بيروت بالأمس، والتي تقول بإن الولايات المتحدة رفعت اسم أبو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة، من قائمة “الإرهابيين الأخطر” في العالم، فإن التقديرات التي جرى تداولها في الأشهر الأخيرة، عن محاولة أطراف عربية وإقليمية، تسويق “النصرة” على حساب “داعش”، التضحية بالأخيرة وتقديم الأولى على أنها ركن من أركان الاعتدال في المعارضة السورية، ستكون صحيحة بلا شك، رغم سذاجة المحاولة وبؤسها وخطورتها.

رسمياً، فإن “النصرة” وليست “داعش”، هي الممثل الشرعي الوحيدة للقاعدة في سوريا، وثمة تسجيلات على لساني الظواهري والجولاني، يقتطع فيها الأول للأخير ولاية الشام، أميراً لها … ويبايع الثاني الأول، على السمع والطاعة، وهذا أمر مثبت، بالصوت والصورة، وليس بحاجة لبراهين أو أدلة لإثباته… اللهم إلا إذا كانت مروحة التطرف والاعتدال من وجهة نظر هذا المحور، تراوح بين ثلاثة جماعات جهادية في الأساس: “داعش”، “النصرة” و”الجبهة الإسلامية”؟ … ومن هم المتطرفون إذن، إذا كانت النصرة، استحقت بجدارة عضوية “نادي المعتدلين”؟

تزامنت هذه المعلومات والتقديرات، مع ارتفاع وتيرة التكهنات بقرب اندلاع جبهة “درعا – دمشق”، وسط أنباء عن حشود وحشود مضادة، لمواجهة هذه “المنازلة الكبرى” … الجيش السوري يستجمع قواه، وثمة أنباء عن “مدد إيراني” كثيف على مستوى السلاح والخبراء والمقاتلين المؤيدين للنظام … فيما بعض دول الإقليم برعاية أمريكية، تحشد آلاف المسلحين والمدربين تدريباً جيداً للدخول إلى ساحات المعارك، وربما بسلاح باكستاني متطور هذه المرة … أما على الأرض، فقد سُجّلت وقائع تدعو للقلق والتحسب.

جبهة النصرة، ومن موقع نفوذها في المحافظات الجنوبية (درعا – القنيطرة)، تسعى في تشكيل جبهة عريضة من فصائل وجماعات مسلحة، قريبة منها سياسياً وعقائدياً، استعداداً لأم المعارك … أما “داعش” فلم تتخلف عن الركب، وقالت مصادرها إنها بدأت بحشد قوات وإرسال “مجاهدين” إلى الجنوب، حتى لا ينفرد “أعداء الإسلام” في تقرير مجريات القتال على هذه الجبهة … وسوف نكون أمام خليط من الجبهات وخطوط القتال، وأمام خريطة معقدة للخنادق والمتاريس على مقربة من حدودنا الشمالية.

التقديرات تذهب للقول بأن هدف المعارك المقبلة، سيكون “إقامة شريط حدودي عازل”، على طريقة الشريط الحدودي الذي أنشأه في جنوب لبنان، سعد حداد واستكمله أنطوان لحد، قبل أن تنجح المقاومة اللبنانية في تفكيكه وطرد الاحتلال وعملائه عن أرض الجنوب … هذا الشريط مرسوم له، أن يمتد بامتداد حدود سوريا الجنوبية مع الأردن والجولان المحتل، وسيضم عشرات القرى والبلدات ومئات ألوف المواطنين، على أن يعلن منطقة خالية من قوات النظام من جهة، ومن الجماعات الإرهابية من جهة ثانية.

بعض أطراف المعسكر الداعم للمعارضة والراعي لها، يريد لهذا الشريط أن يكون منصة للانقضاض على دمشق، وتهديد نظام الرئيس الأسد في عاصمته … بعضهم الآخر، يرى أن هذا هدفاً طموحاً، وأن الشريط الحدودي مطلوب بذاته، وهو سيشكل انقلاباً جدياً في موازين القوى، يمكن من بعده، استئناف مؤتمر جنيف بشروط مواتية للمعارضة وحلفائها.

لا أدري إن كان سيناريو كهذا، يمكن أن يرى النور، وما إذا كان بالإمكان بناء “منطقة عازلة” بين سوريا من جهة وكل من الأردن والجولان المحتل من جهة ثانية، كيف ستكون صورة ميزان القوى بين الاتجاهات المختلفة في المعارضات السورية… وإذا كان بالإمكان طرد قوات النظام من هذه المنطقة، وهذا أمر ليس يسيراً أو في متناول اليد، فهل سيكون بالإمكان التخلص من “داعش” والنصرة” وأخواتهما، أم أن “النصرة” بوصفها تنظيماً يتجه للاعتدال، ستكون من ضمن “مقاتلي الحرية” في جنوب سوريا، وهل ستكون سوريا أم “نصرة لاند” على حدودنا الشمالية، وهل سنضطر نحن التواقون لزيارة سوريا دائماً، لختم جوازات سفرنا بخاتم “الشريط / الدويلة”، هل ستضطر نساؤنا لاصطحاب “المحارم” لاجتياز “الجدار الطيب”؟

ثم ماذا عن الموحدون الدروز في جبال العرب والسويداء؟ … هؤلاء كفار وخارجون عن الملة وفقاً لداعش والنصرة وأخواتهما، ما هو موقعهم في “الشريط الجديد”، وأين سيصطفون؟ … هل سيواجهون مصير مسيحي معلولا وراهباتها؟ … هل ستتدخل إسرائيل لفرض “حمايتها” عليهم، هل عاد الحلم الإسرائيلي – الاستعماري بدولة درزية على الحدود الشمالية لفلسطين، توفر حاجزاً بشرياً وجغرافياً بين دولة الاحتلال والعمق العربي شمالاً، ليعشعش في عقول نتنياهو الذي فرغ مؤخراً من زيارة تفقدية لجرحى “مقاتلي الحرية” الذين يعالجون في المستشفيات الإسرائيلية، ثم يرسلون من جديد لاستكمال مهامهم “الجهادية”.

ومن هو الأكثر حظوة لدى الإسرائيلي ليكون “سعد حداد 2”، هل سيتم اختياره من بين “المجاهدين” أم أن رئيس الأركان الجديد للمعارضة، خليفة سليم إدريس، العقيد عبد الله النعيمي، هو الأوفر حظاً للقيام بهذه المهمة؟ وما هي مواقف القوى السورية الفاعلة من أمر كهذا؟ أسئلة وتساؤلات ما زالت برسم الغيب، مع أن أغرب تعليق على طبيعة القوات التي سيجري إدخالها للمنطقة المذكورة، جاء من أحد قادة إخوان سوريا: نجيب الغضبان، الذي اعترض على قيام “السي آي إيه” بتدريب عناصرها، مفضلاً البنتاغون عليها؟!

لا أدري ما الذي يدور في عقول أصحاب هذه المخططات الجهنمية، لكن المؤكد أنهم يلعبون بالنار، والنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله، والمؤكد أن نار الأزمة السورية ستأكل نفسها، بعد أن تكون أكلت الجميع، بمن فيهم، مشعلي نيران الفتنة والمؤامرة.