هل هذا وقته؟
قبل أيام استقال وزير الهجرة البريطاني مارك هاربر من منصبه، بعد أن تبين أن عاملة التنظيف التي تعمل في شقته لسنوات، ليس بحوزتها ترخيص قانوني يتيح لها العمل في بريطانيا. الوزير «المحافظ» قدم هاربر استقالته لرئيس الحكومة ديفيد كاميرون، الذي قبلها بأسى، وعين بدلا عنه جيمس بروكينشير. وقال كاميرون «إنه ليس هناك ما يشير إلى أن الوزير المستقيل كان على علم بأن العاملة التي تعمل لديه منذ أبريل نيسان العام 2007، هي مهاجرة غير شرعية، ومع ذلك لم يقبل الوزير المسؤول عن شؤون الهجرة، أو يكون هو من يخالف قوانين الهجرة، سواء خالفها عن علم، أو بغير علم، حيث قيل أن عاملة التنظيف قدمت أوراقا بدا أنها قانونية، ثم تبين أنها مزيفة!
المقاربة هنا ليست من باب «الانضباع» بالغربيين وطهرهم، فهم ليسوا كذلك، والخطايا التي يرتكبونها، ماضيا وحاضرا، تستعصي على من يحصيها، ولكنها مدخل لحديث آخر ذي دلالة، وبدأ يدور في أوساط الإسلاميين بعد «النكبة» التي أصابت إخوان مصر، وإن ظل هذا الحديث دائرا في الدائرة الضيقة جدا، بزعم انه «مش وقته» والجماعة في أوج محنتها، ولا وقت الآن لمراجعات نقدية، و»عصف ذهني» فيما تتعرض لعملية إبادة حقيقية واستئصال لم يحصل إلا زمن عبد الناصر في مصر، وبن علي في تونس، ربما يكون فيما يقال هنا بعض الوجاهة، ولكن ما شأن ساحات أخرى للإخوان المسلمين، يرتعون فيها وهم على ديدنهم، بلا تغيير أو مراجعة؟ طبعا يستثنى هنا النسخة التونسية من الإخوان، التي التقطت الرسالة، فغيرت وبدلت، وتماهت مع «الخصوصية» التونسية، وأنتجت نسختها من الربيع، الخالية من اللون الأحمر، أو على الأقل حتى الآن، وإن بدا أنها تجاوزت عنق الزجاجة بسلام، والطريق أمامها لم يزل طويلا..
يقول عمر ابن الخطاب، وهو من هو: «أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فيكم فإن وجدتم فيّ اعوجاجا قوموني، فقام رجل فقال: والله يا عمر لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناك بسيوفنا، فقال رضي الله عنه: الحمد لله الذي أوجد في أمة محمد من يقوم اعوجاج عمر بحد السيف» نحن هنا لا نتحدث عن تقويم بحد السيف، ولكنه ربما يقع، إن لم يبادر من وقع في «الخطأ» وإن كان اجتهد وبذل الوسع، إلى تصحيح خطئه، ومراجعة نفسه، حتى ولو كان في وضع يشابه وضع وزير الهجرة البريطاني، الذي ربما «خدعته» عاملة التنظيف!