ثلاثة ملفات بلا جدولة
الأرجح أن الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حافلة بتطورات كثيرة على الصعيد الداخلي، على مستوى ثلاثة ملفات، والبوصلة ستتضح خلال الفترة المقبلة، على أكثر من مستوى بعد أن ساد الغموض لفترة ليست بالقصيرة.
هذه الملفات تتعلق بالملف الفلسطيني، والملف السوري، وملف الداخل الاردني بكل تعقيداته ومشاكله، والاردن استطاع ان يدير وجوده إزاء هذه الملفات بطرق مختلفة خلال الفترة الماضية، الا ان الارجح ان الانتقال من «الجدولة» الى «السداد» أمر سنلمسه خلال الشهرين المقبلين، وتجاوز حالة الرمادية، نحو لون محدد مع كلفة هذا اللون، أمر سنراه بشكل عما قريب.
موقف الأردن من التفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيليين، لن يبقى خاضعاً للعموميات، والمؤكد أن تفاصيل كثيرة باتت واضحة الى حد كبير، سواء تجاه الفشل أو النجاح، ثم كلفة ذلك على الاردن.
هذا الملف تحديداً كان خاضعا للجدولة السياسية سنين طويلة ، إلا أن احتمالية الحسم فيه باتت قريبة، وسنقرأ عبر مؤشرات كثيرة على مستوى الكلام والافعال، ما يمكن ان يقول لنا الى اين تتجه بوصلة البلد؟!.
الملف السوري بعد تعثر جنيف 2 – وهو تعثر متوقع- سيخضع ايضا الى معالجة مختلفة، لأن عواصم عدة، ترى في فشل المؤتمر سببا وذريعة للانتقال الى مستوى آخر من المعالجات ميدانياً او سياسياً.
هذا يعني، ان تجاوز الاردن الجزئي لكلفة الملف السوري أمر لن يبقى متواصلا، والاغلب ان اعادة التموضع في هذا الملف امر سنقرأه خلال الفترة المقبلة، عبر مؤشرات كثيرة، كما ان الكلف هنا تتعاظم، ولا يمكن تجاوزها.
ثالث الملفات ما يتعلق بالداخل الأردني، ومستوى الاداء لكل المؤسسات، والوضع الاقتصادي، والاستقرار الداخلي، ومستوى الرضا العام، والمخاوف التي تعصف بالداخل، والموقف والترابط مع كلا الملفين الفلسطيني والسوري، ثم مستوى اداء المسؤولين وغير ذلك.
بقية التفاصيل لها ظلال وروابط محلية واخرى عربية ودولية، ومجمل المشهد الداخلي لا ينفصل عن الجوار، وسنقرأ ايضا اشارات كثيرة واضحة، وغير واضحة، قد تقول لنا ما الذي ينتظرنا خلال الشهور القليلة المقبلة!.
كل مرة كان الكلام يتم عن حساسية المرحلة، والظرف الفاصل، وقد عشنا طوال عمرنا ونحن نعبر المراحل، غير ان العام الجاري عام فاصل بحق لكل المنطقة، وملفات المنطقة، ولربما هذا العام سيشهد نهاية «المرحلية» نحو المآلات والحسم.
قدرة الداخل على تجنّب ملف الجوار، وكلفة الداخل الاردني، قدرة تنخفض يوما بعد يوم، ولايمكن البقاء في المنطقة الرمادية، واللجوء الى مبدأ ادارة الازمات، بدلا من حسم الازمات، وهذا يعني اننا امام مناخ حساس مقبل على كل المستويات.
الشهور الممتدة حتى منتصف الصيف، شهور ولاّدة وحافلة بمفاجآت كثيرة، سلبا او ايجابا، ومناخ الغموض، لن يبقى قائما، وهذا قدر ينطبق ايضا على دول الجوار، إذ ان كل المنطقة تتجه الى إعادة إعراب سياسي بعد سنين من التأجيل والجدولة.
أيا كانت المآلات، نريد فقط ان نفهم الذي ينتظرنا هذا العام تحديدا، ومبدأ جدولة الملفات لن يبقى قائما، وقد بتنا امام موعد السداد، والمهلة التي كان يدللنا فيها الدائنون السياسيون مهلة على ما يبدو قد انتهت، وقد آن أوآن الاستحقاق المؤجل.