0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

عدالـة (التوجيهـي) حيـن فاجأتنا وأربكتنا ؟!

ما حدث في امتحان التوجيهي لهذا العام يمنحنا فرصة ثمينة لرؤية صورتنا على حقيقتها ، فهذه المرة(دعك من مرات اخرى مرت دون ان ننتبه لها كما يلزم)  نكتشف ونرى باعيننا  أننا ضد ( التغيير) وضد ( العدالة) وضد ( الاعتماد على النفس ) ،  نحن الذين لطالما رفعنا اصواتنا بالدعوة الى (إعادة) الهيبة للامتحان، وضبط تصحيح اوراقه و علاماته بالشكل العادل، لكن ما إن فوجئنا بأن ذلك قد حصل ، حتى خرج البعض الى الشوارع احتجاجا على ( منع الغش) ثم احتجاجا على عدم رفع العلامات – كما كان يحدث سنويا- ثم احتجاجا على عدم تسريب النتائج قبل موعدها.هل يعقل ذلك؟

ارجو ان لا يخطر في بال احد أنني ( اجلد) مجتمعنا او احكم عليه سلفا بأنه يعاني من ازدواجية في شخصيته ، كلا، فهذا المجتمع وقع ضحية لمناخات سياسية (فاسدة) عممت داخله مثل هذه القيم، وجعلتها جزءا من سلوكه، وعمقت لديه شعورا بأنه لا يستطيع ان يتجاوزها و لا يجب ان يفكر بغيرها ، حتى انها تحولت بالنسبة اليه الى (قاعدة) لا استثناء ، وممر اجباري لا اختياري ، ووصفة (للنجاح) لا (للفشل)  ونمط مقبول للعمل و الحركة و الحياة ايضا .

استدعاء ( العدالة)و (والانضباطية) حلم يراودنا جميعا ، لكن حضورهما في امتحان التوجيهي بعد غياب طويل مازال قائما في مجالات اخرى ربما اهم ، فاجأنا واربكنا ايضا، لدرجة دفعت البعض الى استنكار هذه القيم و الموازين الجديدة ، وكأنها (اوهي فعلا) غريبة على سلوكنا العام ، او كانها صوت ناشز في ايقاع استمرأناه وتقبلته ذوائقنا حد الاستمتاع حتى و نحن نعرف انه مليء بالاخطاء و النتوءات … وقد لايكون له علاقة بالموسيقى اصلا .

حسنا ، يجب ان نتفهم (صدمة) البعض باستعادة ما غفلنا عنه ، وماتجاوزناه ، لكن هل يكفي ذلك لاقناعهم بأننا نسير في الاتجاه الصحيح ؟ لا استطيع اولا ان اكتم احترامي لمن نهض بهذا الواجب، واعني وزارة التربية والتعليم ووزيرها د. محمد الذنيبات ،ولا ان  اخفي-ثانيا – سعادتي بتحرير الامتحان مما تراكم عليه من اخطاء ، كما  انني ادرك ان (العملية) الجراحية الصغرى التي جرت سيكون لها اصداؤها وتداعياتها ،سواء من قبل الطلبة الذين تفاجأوا بما حدث او على صعيد الآخرين الذين لا يريدون (للإمتحان) أن يفتح باب (الاصلاح) لأنه سيدق امامهم ناقوسا للخطر .. وهم  يرفضون اصلا مفهوم الاصلاح حتى وان كان يمر من (ثقب ) منع الغش او عدم التلاعب في النتائج ، فما بالك اذا مرّ من (ابواب) نهب المال العام ، او بيع الذمم والضمائر … وسواهما من صور الفساد التي يحفظها الاردنيون عن ظهر قلب .

لكي لا نظلم مجتمعنا وابناءنا الطلبة ، ولكي نقدّر  ما فعلته الوزارة ايضا ، لابد ان نعترف بمسألتين : اولاهما ان العدالة التي نطلبها وكذلك الانضباطية يفترض ان تكونا كاملتين وشاملتين ودائمتين ،  وثانيهما ان قيام الوزارة بواجبها يعني ان مهمة الاصلاح ليست مستحلية ، وان ما حصل في الامتحان يمكن ان يتكرر في كافة مرافقنا العامة … وبالتالي فإن الطرفين : الوزارة الي تشددت في اجراءتها و  البعض الذين استنكروا هذا التشدد – كلاهما على حق ….فالوزارة نهضت بما عليها من واجب … و المجتمع تفاجأ واحتج لانه يريد عدالة كاملة و غير منقوصة .

باختصار شديد، العدالة لا يجوز ان تكون انتقائية او ان  تتجزأ وتصرف على دفعات بالتقسيط، صحيح انها مطلوبة ومرحب بها في قضية امتحان التوجيهي الذي اشغل مجتمعنا وازعجه،لكن الصحيح ايضا ان عدم الثقة التي يشعر بها البعض نتيجة  تراكمات من الاخطاء  على مدى سنوات طويلة  دفعتهم الى الاحتجاج والارتباك،سواء بسبب الخوف على مستقبل ابنائهم من ان يدفعوا فاتورة هذه العدالة من جيوبهم فقط،او بسبب احساسهم بان العدالة مرت من بوابة التوجيهي فقط ولم تلتفت للمجالات التي خرج منها هذا الامتحان  سواء على صعيد مناخات التعليم وشروط (سوقه) المزدحمة بالاختلالات ، او  على صعيد المناخات العامة التي ما تزال تصرعلى بقاء الوضع على حاله ولا تسمح لاي بارقة امل  في الاصلاح ان تمر دون مطبات او عوائق.