0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

كل شيء أو لا شيء!

 لوهلة، فكرت على النحو التالي: ماذا لو قبل الفلسطينيون، ومن ورائهم العرب (إن وُجدوا!) بما تعرضه         عليهم خطة كيري؟

السؤال هنا، مجرد السؤال يعرضك لسيل عرم من الاتهامات وربما الشتائم، حسنا، سأحتمل هذا «التسرع» ولو على سبيل الرياضة الذهنية، ولا أستغرب هذا الاحتمال، ليس لأنه محق فحسب، بل لأن طرحه ابتداء يستمطر اللعنات، لسبب بين واضح، ثمة تفريط بحقوق تاريخية، لفلسطين والأردن، لا شك في ذلك، ولكن دعونا، ولو على سبيل الاستذكار، نمرّ سريعا على منحنى مؤشر هذه الحقوق، منذ النكبة..

بداية كان قرار التقسيم، و «لو!» قبل به الفلسطينيون والعرب آنذاك، لتغير الكثير من الواقع، فهو أعطى لليهود وطنا ليس لهم، وسلب من الفلسطينيين جزءا كبيرا من وطنهم، وكان من المستحيل عليهم أن يقبلوا به، ولكن الوقائع التي رسمتها هزائم العرب تاليا تقول، إن قرار التقسيم أكثر رحمة مليون مرة من الوقائع التي رسمتها بساطير الاحتلال الصهيوني، والخذلان العربي، إن لم نقل التواطؤ وما هو أكثر منه، فلم يشبع اليهود بما خصصه قرار التقسيم، وأخذوا كل ما وصلت إليه أيديهم، وتقسم الوطن الفلسطيني ثلاثة أقسام: أراضي الـ 48 وغزة التي صارت «عهدة» في يد مصر، والضفة الغربية التي أصبحت جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية، وما لبثتا أن أصبحتا جزءا من «وطن» جديد، وطن محتل بالكامل موحد تحت القبضة الصهيونية، وأصبح حلم «التقسيم» أبعد من أن يفكر فيه أحد، وفي الأثناء ولدت فكرة «القرار الفلسطيني المستقل» الجهنمية، فغدت مسؤولية الضفة وغزة مسؤولية فلسطينية بحتة، بمعنى آخر، نفضت كل من مصر والأردن أيديهما من أي مسؤولية تجاههما، ووجد ياسر عرفات نفسه فيما بعد في مواجهة أوسلو، بعد أن وجده «فرصة» لإعطائه «موطىء» قدم في فلسطين، ورغم كل ما قيل عن أوسلو وكوارثه، إلا إنه حقق «شيئا» ما، بعد أن أدار العرب ظهرهم لفلسطين بشكل كامل، بحجة «القرار الفلسطيني المستقل!»

واليوم، خطة كيري، تمنح الفلسطينيين «دولة» مسخا، فهي حكم ذاتي وسمّوه دولة، وربما يكون أقل من حكم ذاتي، وحسب التسريبات والهمس واللمز، لا يوجد من العرب من يعترض، فهم علنا يتقولون عليها، وربما يعارضون، لكنهم -سرا- مسرورون بها، بل تستعمل أمريكا بعضهم للضغط على عباس و»إقناعه» بالقبول بما هو معروض، أو لا شيء!

وثمة شيء هنا، بالنسبة للصهاينة، ومنذ عرض هيرتزل على السلطان عبد الحميد السماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين، كانوا مستعدين للقبول بأي شيء متاح، ثم البناء عليه، أما العرب ومنهم الفلسطينيون، فتشبثوا بالكل أو لا شيء، وما حصلوا عليه طبعا كان ألـ «لاشيء» وأخشى ما أخشاه أن يكون هذا اللاشيء هو ما سيحصلون عليه، وفي الأثناء، لن يبقى شيء من هذا اللاشيء يمكن أن يتفاوض عليه أحد، في ظل هذا الخراب العربي الشامل!

هذه مجرد «رياضة ذهنية» يمكن أن تكون خاطئة بالكامل، وربما تحمل وجهة نظر قابلة للنقاش، والتمحيص، خاصة وأن ما بقي من فلسطين اليوم، ليس أكثر من فتات، ثمة من الصهاينة من «يناضل» لقضمه وهضمه، وعدم «التنازل!» عنه طواعية، ما دام العرب مشغولين بمطاردة وسحق براعم الربيع التي تحاول ترسم طريقا لغد أفضل!

وكي لا يساء فهمي، أنا أرفض خطة كيري، جملة وتفصيلا، وطنيا ودينيا وضميريا، ودون أي لبس أو تأويل، فهي «مؤامرة» كاملة النصاب لدفن قضية فلسطين،  ولا أرى أن ثمة ما يمكن أن يحرر فلسطين إلا القوة، والمقاومة، فهي الوحيدة التي تحسم الصراع، وإن كان الحديث عنها الآن هو ضربا من الخيال، في ظل هذا الخراب!