0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

ظهير سيا سي .. أم عواصف رملية ؟

ما نسمعه  يتردد في مجتمعنا اليوم حول (إطاركيري) سواء على صعيد السجالات التي تتداولها (النخب) أو الهواجس التي يشعر بها الناس، ليس اكثر من ردود افعال (استباقية)، صحيح أنها تعبر عن ( حالة) من صحوة الضمير العام على خطر قد يكون داهما، وهي –هنا- بالطبع مفهومة ومشروعة ، لكن الصحيح – ايضا- أنها تشبه عاصفة ( رملية) مفاجئة ومؤقتة … ومزعجة ايضا، ومع ان المفترض ان لا تكون كذلك ، نظرا لضخامة الحدث المتوقع وخطورته ، ونظرا لطبيعة الشخصية الاردنية التي ( انصهرت) تماما في قضايا الامة وفي مقدمتها قضية فلسطين ، الا ان ما حصل حتى الآن يعكس صورة اخرى صادمة ومخجلة : لا من حيث ( المضامين) التي حولت الصراع من ( الاطار) وصاحبه و الجهات التي تدفع به الى الميدان الى صراع داخلي بين مكونات المجتمع ونخبه ، وإنما ايضا من حيث الاخراج الذي اختزل ( المطلوب) السياسي لمواجهة كيري في الحكومة فقط ، فيما الحقيقة ان الحكومات مهما كانت قوية وحريصة لا تستطيع ان تنهض بهذا الدور دون وجود ( ظهير) شعبي  يستند الى (مشروعية) حقيقية ، ويمتلك من القدرة و الوعي ما يمكنه من تغيير مسارات الحدث ، لا من جهة الضغط على الحكومة لاتخاذ مواقف رافضة ، وإنما لمساعدتها وتقليل ( الاعباء) التي تدفعها اذا ما قادتها اضطرارات ما الى ( تجرع) السمّ ، وبالتالي فإن مهمة هذا ( الظهير) السياسي تبدو أهم واخطر من المهمة التي تتولاها الجهات الرسمية .

وعلى الرغم من انني اشاطر وجهات نظر ترى ان “حالة “ مجتمعنا السياسية، بما لحق بها من اصابات بالغة ،لا تسمح لنا بالتعويل او الرهان  على وجود مثل هذا الظهير السياسي ،ناهيك عن امكانية تاثره وفاعليته ووزنه في ترجيح كفة القرارات ،الا انني اختلف مع وجهات النظر هذه حين تحاول ترسيخ هذه الوصفة واعتمادها وتمريرها وترويجها بيننا  باعتبارها (قدرا) لا مفرّ منها ، او واقعا يجب ان نستسلم له ، وهذا بالطبع ليس – فقط- غير صحيح ، وإنما خطير ايضا ، وهو بالتالي لا يمثل وجهة نظر قابلة للنقاش وإنما ( جرعة ) صادمة يجب مواجهتها بكل ما لدينا  من ادوات ووسائل ، سواء على الصعيد السياسي حيث تتحمل ( النخب) و القوى السياسية مسؤولية الخروج من حالة ( السكون) و الاشتباك و الانشغال وتبادل الاتهامات الى حالة الوعي على الواقع و التعامل معه بما  يتناسب مع خطورته ، أو على الصعيد الديني و الاعلامي حيث يتوجب على الفاعليين في هذين المجالين (وغيرهما) احياء نوازع ( الضمير) لدى الناس للاحتشاد خلف ( هدف) واحد وهو حماية البلد وتقوية مناعته لتجاوز المرحلة بلا خسائر .

في غياب ( الظهير) السياسي العربي ، ومع انتشار (حالة)  القلق و الفزع من المصير الذي ينتظر الدول العربية الكبرى والفاعلة في محيطنا ، ومع بروز محاولات – لا تخطئها العين- لتكرار سايكس بيكو في نسخة جديدة هي (كيري – لافروف) وتكرار اوسلو آخر بطبعة اسوأ ، ومع امتداد (شبح) الفوضى في منطقة ما تزال الاسئلة الكبرى فيها معلقة بانتظار اجابات  لترسيم حدود المصالح و الادوار و النفوذ (خذ مثلا تمدد ايران، وانقباض تركيا، وحيرة الخليج العربي، والصراع على سوريا ، وتنحية مصر)، اضافة الى محاولات اشعال الحروب و الصراعات تحت لافتة المذهب و الطائفة و الدين وباسم مواجهة ( الارهاب) / مع كل هذه المستجدات التي غيبت ( الظهير) العربي الفاعل، يبدو الذها ب الى مائدة ( كيري) محفوفا بالمخاطر ، ليس لأن اطباقها ( مسمومة) أو مغشوشة ، وانما – ايضا- لأن الحاضرين و الجالسين على الطرف العربي  لا يوجد لهم ظهر سياسي ، ولا ما يلزم من اوراق قوة تسمح لهم ( بالمناورة) او بالقبول او  بالرفض .

اوفق على أننا  نذهب الى ( إطار كيري) مضطرين ، وان كلفة خيار ( القبول) ) بالتفاوض والمناورة  اقل من خسائر الرفض المسبق ،وأن الواقع السياسي لا يسمح لنا ( بمكاسرة) امريكا و اوروبا … لكن هذا لا يبرر القبول ( بالوصفة) و لا (الرضوخ) للشروط و لا التنازل عن المصالح الكبرى .

ولكي نخرج من هذه ( الورطة) التاريخية لابدّ ان نفكر جديا في ( تعويض) الظهير السيا سي العربي ، بظهير شعبي(داخلي) ، و لابدّ ان نخرج من دائرة ( العواصف) الرملية التي تفقدنا الرؤية و التبصر و الفعل ايضا الى دوائر المصالحة و التوافق و التوحد ،و بدون ذلك فإننا نحكم على انفسنا بالرسوب في الامتحان و نكرر ما فعله الدب بصاحبه حين اراد ان يحميه فقتله ،ونبدد طاقاتنا وإمكانياتنا في الصراخ و تبادل الاتهامات و توسيع دوائر الخوف و التشكيك بدل ان نوجهها  الى العنوان الصحيح ..هذا الذي يعرفه الجميع .