0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

الاوقاف تحتاج الى خطة انقاذ..!!

كنت واحدا من الذين تلقوا تعليمهم الاساسي والثانوي- في السبعينيات ومطلع الثمانينيات –على يد اساتذة مصريين ،وفي جامعة  اليرموك كان بعض اساتذتنا من جنسيات تركية وهندية ومصرية ايضا، وقتئذ لم نكن نستغرب ذلك، فقد كان عدد جامعاتنا  محدودا كما ان  الخريجين يتوزعون على مؤسسات الدولة كلها وبالتالي فان وزارة مثل التربية والتعليم كانت بحاجة الى التعاقد مع معلمين واساتذة من دول عربية شقيقة لسد النقص في كوادرها الوظيفية.

الصورة تغيرت منذ منتصف الثمانينيات ،فقد بدأت الكفاءات الاردنية في مختلف التخصصات تتمدد الى دول الجوار،واصبح ا الاردني سواء كان طبيبا او مهندسا او اعلاميا مطلوبا في اسواق العمل العربية، ومن المفارقات  ان هذه الكفاءات من خريجي الجامعات كانت متنوعة وشملت معظم الاختصاصات في مجال التعليم والصحة والهندسة وغيرها باستثاء مجال الشريعة ،حيث لم نستطع منذ ذلك التاريخ ان ندفع بابنائنا الى دراسة علم الشريعة،وما زال المجال الشرعي وخاصة مجال الامامة في المساجد يعاني من هذه المشكلة حتى الان.

نعرف بالطبع لماذا عزف شبابنا عن الدخول الى كليات الشريعة(نحو 90% من طلاب الشريعة اناث) ،لكننا للاسف لم نفعل ما يلزم لتشجيعهم على ذلك،واعتقد اليوم ان بعض ما نعانيه من مشكلات على صعيد (التدين المغشوش) الذي يسود واقعنا الديني والاجتماعي كان ثمنا لتقصيرنا في اعداد كفاءات شرعية تتولى مهمة الوعظ والارشاد والتوجية الديني،ومن المفارقات هنا ان بلدنا ما زال يستقطب الدعاة من الخارج وكأننا نفتقد  للمرجعيات  الدينية المعتبرة او كان بلادنا فقيرة من الدعاة والشخصيات الدينية .

في هذا السياق الذي يحتاج لمزيد من التفصيل والتحرير (والتفسير ايضا) يبدو ان وزارة الاوقاف عجزت عن استقطاب ما يلزم من ائمة لبعض مساجدنا  ،فاضطرت للتعاقد مع عدد من خريجي الازهر(نحو 50 اماما سنويا)، وانا اقول هنا اضطرت لانني اعرف تفاصيل القصة، لكن ذلك لا يمنعني من استغراب ما جرى ،فهل يعقل ان نكون عجزنا بعد كل هذه العقود التي مرت على تجربتنا في التعليم والدعوة،وبعد بناء اكثر من خمس وعشرين جامعة ونحو 10 كليات شريعة (لا تسأل عن معاهد وكليات ومدارس التعليم الشرعي) عن اعداد  نحو اربعة آلاف امام ،ثم ماذا فعلت وزارة الاوقاف التي كانت تشكو منذ سنوات من نقص الائمة في المساجد ومن عزوف حملة شهادات الشريعة عن قبول وظيفة الامامة في المساجد نظرا لتواضع معاشاتهم وامتيازاتهم، ماذا فعل الوزراء الذين حملوا حقيبة هذه الوزارة اذا كان لدينا 4 آلاف شاغر في 7 آلاف مسجد ولدينا نقص 3 آلاف إمام وألفي  مؤذن، ولدينا ائمة اخرون غير مؤهلين يمارسون عملهم كالمعتاد ، ولدينا الف مسجد قيد البناء وستحتاج لاحقا لمن يؤم المصلين فيها (في الاردن نحو 7 الآف مسجد بواقع مسجد لكل الف شخص)،علما بان قوائم الممنوعين من الخطابة  ما زالت كما هي وعلما بان لدينا  الآلاف من خريجي الشريعة سواء من حملة الدكتوراة الذي يدّرسون في كليات الشريعة او من الطلبة الذين يعملون في المؤسسات الدينية كالافتاء والقضاء الشرعي او معلمين في وزارة التربية والتعليم ايضا.

لا الوم وزير الاوقاف الحالي د.هايل داوود،فقد وجد امامه  مشكلة وتوجه الى حلها على مسارين:احدهما عاجل وهو التعاقد مع ائمة مصريين بصورة مؤقتة  والاخر آجل وهو ابتعاث نحو 200 طالب على حساب وزارة الاوقاف للدراسة في جامعة العلوم الاسلامية حيث سيلتحقون ابتداء من الفصل الثاني لهذا العام،اضافة الى توقيع اتفاقية مع كلية الشريعة بالجامعة الاردنية لفتح تخصص (امامة) للطلاب الذكور ليصار الى استقطابهم وتوظيفهم بعد تخرجهم، خاصة وان معظم خريجي كليات الشريعة في جامعاتنا من الاناث،والسؤال هنا : ماذا لو كنا فكرنا بهذا الحل منذ عشر سنوات مثلا(سيكون لدينا نحو الفي طالب مبتعث وملتزم بالعمل كامام) وهؤلاء  بالاضافة الى الاخرين من زملائهم الخريجين الراغبين في التوظيف بهذه المهنة الجليلة والمتطوعين ايضا سوف يسدون حاجة الوزارة  ولن تكون عندها بحاجة الى طلب ائمة من الخارج.

لدي ثقة  بأن الوزير الحالي  د. هايل داوود يشاركني في بعض هذه الهموم ،ويعرف اكثر مني عن المشكلات التي تواجهها الوزارة  وعن حلولها ،لكنني اتمنى ان تتاح له الفرصة للقيام بما يلزم  من اجراءات ،فقد بدأ فعلا ببعضها لكن الطريق ما زال طويلا امامه لتطهير ما تراكم من اخطاء وتصحيح ما حصل من تجاوزات ،وقد اجتهد بعض الوزراء الذين سبقوه الى ذلك،لكن يبقى الامل في رؤية وزارة الاوقاف نموذجا مشرقا في العمل والاداء لكل مؤسساتنا الاخرى، وهذا ما نريده فعلا.