عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

دائرة الإفتاء والخلافات السياسية

يقول الخبر أن هناك مواطنا تقدم بشكوى إلى مركز أمني لتعرضه  للضرب  والإساءة من قبل قيادي بارز في جماعة الإخوان المسلمين(!) وبرفقته مجموعة من الأشخاص، طبعا ألله أعلم ما مدى صحته، فلسنا جهة تحقيقية ولا قضائية لنحكم بمدى دقة المعلومة، هذا لا يهم الآن، لنتابع بقية القصة: المواطن حصل على تقرير طبي بالواقعة إلا ان القيادي ومجموعته قاموا بإصدار تقارير طبية لهم لتقديم شكوى ضد المواطن نفسه من باب دفع  الأذى  .

ما يهمنا هنا في بقية الخبر: وقال مصدر في دائرة الإفتاء العام ان قيام القيادي الإخواني بإصدار التقرير الطبي يعتبر مخالفة شرعية لأنه غير  حقيقي  وكان إحضاره من باب دفع الأذى ولا يجوز تحت أي بند شرعي حتى وان كانت الشكوى باطلة مقابلة الباطل بالباطل من شخصية عامة أو غيرها وهو ما يشكل خرقا للأخلاق الدينية والاجتماعية.

انتهى الخبر، وقد علمت من دائرة الإفتاء نفسها، أن هناك من هاتف الدائرة وسأل عن حكم من يستصدر تقريرا طبيا على النحو الذي تم، فقيل له أنها مخالفة شرعية، لأنه غير حقيقي، وكان الجواب كما نشر في الخبر، إلا أن السائل لم يأت على ذكر الإخوان، وبالتالي لم تذكر دائرة الإفتاء الإخوان أصلا، وتم زج دائرة الإفتاء في معترك لم يكن لها فيه دور، ولم تُسأل أصلا عن الموقف باعتباره صادرا من أخ مسلم أو غيره، وفي المحصلة، تم تقويل دائرة الإفتاء ما لم تقل، مع حرصها الشديد الذي أعرفه ويعرفه غيري كثيرون عن النأي بنفسها عن السجالات السياسية وتوظيف الفتوى في سياقات غير شرعية.

إن توظيف خبر كهذا، للإساءة للإخوان المسلمين في هذا الظرف بالذات، حيث تتكالب عليهم الدنيا كلها، ويجتهد من يجتهد لوصمهم بالإرهاب والعنف، يأتي في سياق إشاعة الفتنة، وتجريم من لا جرم له، ويزيد الطين بلة، توريط دائرة الإفتاء الأردنية في مسائل لا ناقة لها فيها ولا بعير، وهي الدائرة التي أخذت على نفسها أن تكون عامل إصلاح وتوفيق بين فئات المجتمع، وحرصت على أن لا تتورط فيما لا يعنيها من أمور سياسية، ورفضت أن تكون سوطا في يد فئة ضد أخرى من المكونات السياسية الأردنية، بل إنها نحت منحى آخر، يناقض كل ما ألفناه من مؤسسات دينية تحالفت مع الاستبداد السياسي، فكانت عونا للظالم في غير بلد عربي، وما زلت أذكر ذلك القرار الذي أصدره مجلس الإفتاء في الدائرة، وهو يُعد مفخرة من مفاخر هذه الدائرة، خاصة، وهو يتحدث عن حكم المظاهرات، التي حرمها بعض مفتي الدول العربية والإسلامية!.

 

فقد جاء في قرار مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية، في جلسته الخامسة المنعقدة في: (5/ 4/ 1432هـ) الموافق (10/ 3/ 2011م).. أي في بداية هبوب رياح ثورات الربيع العربي.. رداً على عدد من الأسئلة والاستفسارات الواردة لدائرة الإفتاء العام حول الحكم الشرعي في المظاهرات والاعتصامات وغيرها مما يحدث هذه الأيام، حيث وضع المجلس مجموعة من الضوابط الحاكمة لها انطلاقاً من مقاصد الشريعة الإسلامية وكلياتها، 

وفي المحصلة، فقد بدا أن مجلس الإفتاء لم يحرم المظاهرات، شريطة الالتزام بالضوابط الشرعية التي ساقها، في حين أن علماء دين في بلاد مجاورة جرموا المتظاهرين وحرموا التظاهر، وهو موقف يدل على استقلالية دائرة الإفتاء، وعدم ارتهانها للموقف السياسي.

أما ما يقال عن صمت الإفتاء عن إبداء حكم الشرع في بعض القوانين والممارسات الرسمية المخالفة للشرع، فهو أمر غير صحيح، حيث تبدي الدائرة رأي الإسلام الصريح فيما يردها، وتجيب عن أي سؤال بمنتهى الشفافية، ودون تدخل من أحد، فيما علمت وخبرت، حتى ولو كان ثمة بعض القرارات والقوانين التي تناقض رأي دائرة الإفتاء.

إن دائرة تحكمها مثل هذه الضوابط، لا يجوز زجها في معتركات الخلافات السياسية، ولا تقويلها ما لم تقل، وهي التي أخذت على نفسها أن تكون منارة شرعية، ومصدر إشعاع معرفي.