0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

«3» ملفات حملها ظريف الى عمان

لا يوجد لدينا معلومات دقيقة حول “الملفات” التي حملها وزير الخارجية الإيراني في زيارته مؤخرا الى عمان، فقد اكتفى الجانبان فيما صدر من بيانات بالإشارة الى ان المحادثات ستتمحور حول العلاقات الثنائية بين البلدين من جهة البحث في تطويرها وتفعيلها اضافة الى اهم القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

هذه الاشارة –بالطبع- مفهومة في اطار “دبلوماسية” جسّ النبض التي فرضتها التحولات الاقليمية في المنطقة، سواء على صعيد المصالحة التي جرت بين ايران والغرب او الملف السوري الذي يبحث عن “مخرج” له في “جنيف2”، او قضية فلسطين التي وضعها “كيري” في اطار “التسوية” على ايقاع ما جرى ويجري من محاولات لاعادة ترسيم خطوط المصالح والنفوذ التي اصبحت “ايران” فاعلا اساسيا فيها بعد ان كانت تشكل “طرفا” مرفوضا او عائقا امامها.

اذا تذكرنا بان العلاقات بين عمان وطهران منذ مطلع التسعينيات تراوحت بين “البرودة” و”الدفء” النسبي، ولم تخضع لمنطق “العداء” او الصراع المكشوف، وان خطوط الارسال والاستقبال بين الطرفين ظلت “مفتوحة” سياسيا واقتصاديا فانه يمكن لنا ان نسجل هنا ملاحظتين: احداهما ان طهران دأبت على محاولة طرق “الابواب” الاردنية لتطبيع العلاقات من خلال عروض سياسية واقتصادية متكررة حملها مسؤولون ايرانيون فيما كان الاستقبال الاردني لها “باردا” وهنا فان الذاكرة السياسية الايرانية تحتفظ بآخر زيارة قام بها الملك عبدالله الثاني لطهران في عام 2003 وكان محمد فاغي آنذاك في موقع الرئاسة، ومنذ ذلك الوقت نشطت محاولات –على الطرفين- في المجالين الديني والسياسي لابقاء هذه العلاقة في دائرة “التسكين” بحيث تحافظ على وجودها دون ان يكون لها حضور فاعل في الميدان.

الملاحظة الثانية ان الظروف التي فرضت استحقاقات “برودة” العلاقة بين الطرفين تغيرت بشكل مفاجىء بعد “جنيف النووي” وبالتالي فقد نشأت “قواسم” سياسية جديدة انتجت “فرضت ربما” مجموعة من الخيارات والاضطرارات، وبات من الصعب على الطرفين تجاوزهما وخاصة فيما يتعلق بثلاثة ملفات اساسية: اولها ملف “الصراع في سوريا” حيث تعتقد طهران ان الاردن –بحكم الجغرافيا  وعلاقاته مع الغرب وموقعه في مجلس الامن يمكن ان يلعب دورا مهما في ترسيخ التصور الايراني القائم على ان لطهران “دورا ومصلحة” في حل “الازمة” السورية، وبأن تتويج “النفوذ” الايراني او قبوله على الاقل يحتاج الى ايجاد “مزاج” عربي جديد، يمكن لايران ان تسهم فيه وتدعمه بضمانات محددة، لكن المطلوب من عمان ان “تفتح” الباب له وان لا تقف ضده، اما الملف الثاني فهو ملف “التسوية” وما يطرحه كيري في اطار الحل “التاريخي” للقضية الفلسطينية،  ولدى طهران هنا ورقتان مهمتان يمكن ان تطرحهما على عمان: الاولى ورقة “استحقاقات” المصالحة بينهما وبين الدول الكبرى، وما تتضمنه من تنازلات لتحرير صفقة التسوية او عدم اعقاتها على الاقل، والورقة الاخرى تتعلق بحماس حيث تعتقد ايران ان عودة علاقتها مع حماس بعد 3 سنوات من القطيعة تمنحها ما يلزم من “النفوذ” لتطويع مواقف الحركة في تجاه تمرير “التسوية” وقد سبق واشرتُ إلى ان السيد خالد مشعل عرض على مرجعيات اردنية عليا ان يتحدث الاردن في اطار “التسوية” باسم حماس، وان يوظف ما لديها من “اوراق” سياسية في اي تفاوض مع الوسيط الامريكي للوصول الى “حل عادل” للقضية الفلسطينية.

يبقى الملف “الثالث” وهو من شقين متكاملين: الاول يتعلق بدور اردني في “ترطيب” العلاقات بين طهران ومحيطها العربي، وخاصة الدول الخليجية التي ما تزال تتوجس من “امتداد” النفوذ الايراني والشق الاخر يتعلق بدور ايراني اردني مشترك “لمحاصرة” الصراع بين المذاهب الاسلامية،  وكلاهما يلتقيان في “قناة” يمكن لعمان ان تفتحها باتجاه اعادة تعريف العلاقات الايرانية العربية في اطار “الدين” الواحد، وعلى اساس المصالح المشتركة، وبعيدا عن توظيف “نقاط التوتر” في اتجاه “الاستعداء” المكلف لكل الاطراف.

في مقابل ذلك، اعتقد ان العروض التي تقدمها طهران لعمان، سواء في الملف السوري او التسوية او الدعم الاقتصادي “الطاقة تحديدا” تنسجم مع “رؤية” اردنية تتجاوز النظر لطهران مباشرة الى مواقع النفوذ الاقليمية المرتبطة بها، والاستحقاقات والانجازات السياسية التي حققتها بعد المصالحة بينها وبين الدول الكبرى وبالتالي فإن هذه العروض يمكن ان تمر من “بوابات” اخرى لكن ليست بعيدة عن الاشارة الايرانية او الموافقة والمباركة من قبل طهران.

في مطلع هذا العام قلت، ان العام 2014 سيكون عاما “لدفع الفواتير وتسديد الحسابات” واعتقد ان ثمة حسابات وفواتير مؤجلة بين الاردن وايران، وقد حان وقت “تسديدها” وترتيب استحقاقاتها بما يتوافق مع مصلحة البلدين.. وربما شكلت زيارة محمد ظريف وزير الخارجية الايرانية امس الاول لعمان محطة جديدة لفتح عدد من “الملفات” وفرصة لقراءتها واعادة النظر فيها بما يتوافق مع المتغيرات المتسارعة التي جرت ومع الاستحقاقات المنتظرة التي تدفع الجميع الى البحث عن “موطىء قدم يمكنه من الاستقرار والاستمرار في منطقة ملتهبة ومزدحمة بالمفاجآت.