0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

الدكـــــنجي

حدثنا الزميل الساخر الجميل أحمد أبو خليل، إذْ كنا نلتقي، ذات زمن، أو بالأحرى في « العرب اليوم»، حدثنا عن بعض النهفات التي حصلت معه خلال العمل السري في الأحزاب اليسارية  قبل هبة نيسان 1989، حيث كان من مهامه توزيع صحيفة الحزب السرية « الجماهير».

كان يذهب الى أحد دكنجية الحي المعروف عنه الخوف الشديد من الأجهزة الأمنية، ويطلب منه – بسماجة- أن يخبئ له بعض اعداد الجماهير عنده لبضع ساعات ريثما يعود. لكن الدكنجي كان يرفض ذلك بكل اصرار وهو يقول ويكرر:

– ابعدوا عني …ورانا ثلاجات.

ولم يكن احمد ولا الرفاق يعرفون المقصود بعبارة (ورانا ثلاجات) واعتقد بعضهم أنه يشير الى الوفاة  بحكم وضع الجثة في الثلاجة. لكن الفحص والتمحيص والبحث والاستنتاج والاستقصاء اثبت لهم خطأ تفسيرهم الماركسي .

فقد تبين ان الدكنجي المذكور كان اشترى ثلاجة  بالأقساط لدكانته، وهو يقصد بأنه يريد أن يبقى خارج السجن حتى يسدد اقساط الثلاجة، وهذه حجته لعدم وضع المنشورات في دكانته، وكانت آنذاك ترسل حاملها الى السجن لثلاث سنوات على الأقل.

وقد ادركت الحكومات هذه المعادلة الصعبة، فوضعت الشعب – خلال عملية مدروسة عبر عقود-  في  وضع العيش لغايات تسديد الأقساط، سيما وأن الراتب لم يعد يكفي المواطن لعدة ايام من الشهر – هذا اذا كان ثمة راتب- ما يضطر الناس الى الحصول على ما يحتاجونه بالضرورة بالأقساط، حتى الديزل، صارت بعض البنوك تمنح المواطن قرضا لتعبئة الخزان، ويسدده بالأقساط.

كل مواطن مرهق بأقساطه، وهو يعيش من اجل هذه الغاية ..مثل دودة القز. يعمل ويهلك ويسدد الأقساط، حتى يموت جائعا، ولا يترك للورثة سوى اقساطه المتبقية .

طبعا هناك اسباب كثيرة ومتنوعة ادت الى احجام الناس عن الانخراط في العمل الحزبي، تعود اكثرها الى أداء القيادات الحزبية الحالية، التي اصبحت اجهزة ترقيع وليست اجهزة تثوير وتغيير، فقدت ثقة الناس نسبيا….. لكن ومن ذات الناحية ..تحول الشعب الأردني الى نسخة مكررة من دكنجي الصديق احمد ابو خليل .