لا نرضاها إلا عزيزة!!
أثناء عملي في دبي عيّنت الشركة التي أعمل بها مراسلاً آسيوياً في العقد الخامس من عمره ليقوم بعمليات التنظيف والضيافة المعتادة ،في الواقع لم يكن المراسل متعلّماً ولا يملك أية قدرات قد تطوّر مستقبله المهني ، على العكس فهو راض كل الرضى بوظيفته التي لا يعرف غيرها ، لكن تفاجأت كونه أكبر الموظفين الأسيويين سنّاً…لم يكن يرضى أي من الزملاء الهنود أن يصنع لهم القهوة او أن ينظّف مكاتبهم ، على العكس كانوا يتوجهون إلى المطبخ يغلون قهوتهم بأنفسهم ثم يعودوا اليها ليغسلوا أكوابهم رأفة منهم واحتراماً منهم لعمر ذلك الرجل الطيّب..ليس ذلك وحسب ، كان كلما طلب المدير فنجان قهوة من ذاك المراسل ..يترك المحاسب – وبالمناسبة هو “هندوسي”- ما بين يديه ويتبرّع هو بعملها وتقديمها نيابة عنه ..وعندما سألته مرّه لم يفعل ذلك قال: أخجل ان ينظّف ويعمل القهوة من هو في سنّ والدي…
الهنود ما زالوا “يتدثّرون” بشرقيتهم وتقاليدهم العتيقة، ونحن نمعن في كيفية إزالة آخر حصون الكرامة عن مواطننا المعوز..وكأن الفقر جريمة يجب ان يعاقب عليها الفقير بجلد كرامته مائة جلدة كلما حانت الفرصة…
لست أدري من صاحب الفكرة في “تنزيل” الأردنيات إلى الشوارع بمهنة “عاملات وطن”..كيف وبم يفكر؟ وماذا يريد والى ماذا يرنو؟؟..بالتأكيد أنه لا يختلف أي منّا إن مهنة عامل وطن ..مهنة شريفة وعظيمة وتستحق التقدير والتكريم والاحترام الدائم…لكنها ليست للمرأة الأردنية ..الأردنية في وجداننا الشعبي أكثر من مجرّد امرأة..هي كرامة وطن..وهي عين العزّة …وألف الأنفة…نريدها عزيزة لنعبئ رصيد عزّتنا كلما أحنت النوائب ظهورنا قليلاً..نريدها كريمة كلما ضربت مطرقة العوز سياج كرامتنا..نريدها أمّاً نرتاح قليلاً على ركبتيها…نريدها أختاً نقطف السّكينة من “زعتر” يديها…نريدها في ثوب قدسيتها قدّيسةً لا يخالط كحل عينيها سواد حزن او ذلٍ..نريدها هكذا أردنية وحسب…
لا تبرروا تحت العوز قراراتكم..لا تمررّوا تحت الحاجة أمنياتكم…إن صدقتم بمساعدتها وظّفوا أحد معيليها إذن!!!…وان لم يكن لها مُعيل..فالدولة معيلها لا “مكنستها ومجرودها”…ولكل من يؤيد أو تؤيد قرار نزولها إلى ميدان النظافة العامة أقول …استقل أو استقيلي من عملك وابدأ/ي بنفسك إن صدقتم!!..
قال الرسول الكريم ((انما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم))…
الأردنية ولدت عزيزة..لتكن عزيزة …ولا نرضاها إلا عزيزة..