هل تستجيب الحكومة؟
فور عودته من الخارج عقد رئيس الوزراء عمر الرزاز وفريقه الاقتصادي اجتماعا موسعا مع الصناعيين في مقرهم. قبل ذلك أجرى لقاء مشحونا مع ممثلي قطاع التجار لم تخدم مجرياته مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
لكن في كل الأحوال وضعت الحكومة قدما على طريق الاستجابة للتوجيهات الملكية بشأن عدد من الملفات الرئيسة التي تناولها جلالة الملك بالتفصيل خلال اللقاء المشهود مع الفريق الوزاري قبل فترة وجيزة.
اللقاء مع الصناعيين بالأمس كان صريحا ومتزنا وضع فيه ممثلو القطاع أجندة عملية قابلة للتطبيق ومطالب محددة، وهى في الحقيقة ذات المطالب التي نسمعها تتكرر منذ سنوات، لكنها لم تجد طريقها للحل والتوافق بين الطرفين.
تدور مطالب الصناعيين حول قضايا تتعلق بكلف الطاقة والنقل والتبادلات التجارية مع الدول، وكلها عوامل تحد من قدرة الصناعات الأردنية على المنافسة في الأسواق الخارجية وترفع الكلفة على المستهلك الأردني.
اقترح الرزاز لقاء دوريا مع الصناعيين لتفكيك المشكلات الناجمة عن التعاملات الحكومية، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح. وكانت الحكومة قبل ذلك قد أعلنت عن تأسيس الوحدة للتشاركية بين القطاعين الخاص والعام في رئاسة الوزراء. الحكومة موجودة من قبل في وزارة المالية لكن نقل الملف إلى رئاسة الوزراء إشارة على جدية الرئيس في المتابعة المباشرة لعمل الوحدة وتفعيل دورها.
على مستويات أخرى تظهر المؤشرات المالية تحسنا طفيفا في إيرادات الخزينة، وارتفاعا في الصادرات مقابل تراجع الواردات وتحسن الميزان التجاري. لكن من الصعوبة بمكان أن نشهد انعكاسا مباشرا لهذه المتغيرات على حالة الاقتصاد بشكل عام.
المهم في هذه المرحلة التركيز على القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة ومداواة جروح المزارعين بخطوات ملموسة ليتسنى لهذا القطاع لعب دوره المعهود في التنمية. والصناعة هي مفتاح التشغيل والتصدير والمحرك لقطاعات عديدة، وينبغي هذه المرة أن تؤخذ مطالب القطاع على محمل الجد لعلنا نضع نهاية لدورة مستمرة في حلقة مفرغة من المطالب التي يجري ترحيلها من حكومة لأخرى.
الحكومة الحالية كانت على علم بمطالب القطاعات الصناعية والتجارية منذ البداية لكنها وتحت ضغط الظروف الصعبة للخزينة تجاهلتها لا بل زادت من تفاقم مشكلاتهم. إذا كان هدف الحكومة في المرحلة الحالية هو بالفعل تحفيز النمو وليس فرض مزيد من الضرائب الجديدة، فعليها أن تترجم ذلك بخطوات ملموسة تستجيب من خلالها لمطالب هذه القطاعات، وتربطها بخطة موازية لتشغيل الأردنيين وفتح آفاق التصدير نحو أسواق خارجية يقول رئيس غرفة الصناعة أن فيها فرصا ضائعة على الأردن تزيد على أربعة مليارات دولار في السنة.
الحقيقة أن ملفات مزمنة مثل الطاقة والنقل تثقل كاهل الناس جميعا فما بالك بالقطاعات الصناعية والتجارية التي تجد نفسها بمنافسة شرسة مع دول تقدم دعما كبيرا لقطاعاتها الاقتصادية. خذوا مثلا العراق الذي كان لعقود طويلة سوقا رئيسة للمنتجات الأردنية وبات اليوم تحديا لا نقدر على مجاراته بسبب تراجع قدراتنا التنافسية مع المنتجات العراقية ومنتجات دول الجوار التي صار لها حصة وافرة في السوق العراقية.
ليس هناك من بديل لخوض غمار المنافسة سوى الإقدام على خطوات شجاعة وتفكيك قيود البيروقراطية التي تكبل طاقاتنا .
فهد الخيطان