عقاب جماعي
مئات ملايين الدولارات خسائر الاقتصاد جرّاء العاصفة الثلجية التي هبت على البلد، وفوق هذه الخسائر أخطار يتعرض لها البشر يوميا؛ جرّاء ذهابهم لأعمالهم.
إذْ نتأمل إجازة عيد الأضحى التي امتدت تسعة ايام، دون أنْ يرف لنا جفن، نعرف أنّ الأولى تعطيل المؤسسات والجامعات والمدارس في هكذا أزمة، حتى تنتهي الدولة من فتح كل الشوارع، وحتى تتجاوزنا حالة الصقيع.
الذي يسأل المستشفيات يعرف ان حالات الكسور لاتعد ولاتحصى، وربما تتحول المستشفيات الى مراكز للجبائر الجبسية فقط.
شركات التأمين في البلد قد تقترب من حافة الإنهيار؛ لأن حوادث السيارات تقع كل دقيقة، وهذا يعني ضررا اضافيا فوق الاضرار العامة، والملايين يتم انفاقها على الكروكات وتصليح السيارات ودفع التأمينات.
لاتعرف كيف يمكن ان يذهب الطلبة للدوام في الجامعات؟!، فجامعة مثل «الأردنية» تعدّ منطقة منكوبة وخطيرة، لأن مئات الاشجار وقعت، واعمدة الكهرباء في الشوارع، والاساتذة قبل الطلبة لايقدرون على الوصول، الا اذا كان الاستاذ هنا لديه دبابة شخصية، ثم من هو ذاك الذي سيرسل ابنه او ابنته، وهو يعرف ان الذهاب قد يعني كسرا في الحوض أو القدمين؟!.
هل بيئة الجامعة الاردنية وغيرها من جامعات مناسبة لاستقبال الطلبة؟، وهو الأمر الذي نرى احدى فصوله في الجامعات الخاصة التي تقول، إن دوامها الساعة الحادية عشرة، لكنها لاترسل حافلاتها الى مواقع جمع الطلبة،ولايتمكن اساتذتها من الوصول اصلا، فلماذا الزج بالناس في الشوارع بهذه الطريقة؛ التي لاتختلف عن العقاب الجماعي؟!.
اكثر من مليون وربع مليون سيارة، في الشوارع، والأزمات حادة في الأيام العادية، فما بالنا بهذا العدد اذ يستعمل ربع مساربه المتاحة؛ لأن فتح الطرق كان بمسرب واحد، وأي خطأ في قيادة أحدهم كفيل بايقاف الاف السيارات،ونسمع كل لحظة عن مواطنين خرجوا من العاشرة ولم يصلوا الى دوامهم الا الثانية ظهرا، ولم يتبق للدوام الا ساعة واحدة؟!.
اذا كانت الحكومة تقول، إن العاصفة غير مسبوقة ومذهلة، فالأولى التدرج في قصة الدوام، حتى يتم استيعاب اثار العاصفة، ولايعيب ابدا تعطيل المؤسسات اليوم وغدا، أو على الأقل تعطيل الجامعات والمدارس لتخفيف الأعداد في الشوارع.
خسائر العاصفة اقتصاديا مذهلة، ومعها خسائر بشرية، حوادث وكسور وانزلاقات، وهذه ازمة تقول، إن علينا التخفيف من هذه الخسائر المؤلمة، بإدارة مختلفة، وقرارات مختلفة، غير تلك التي نراها،خصوصا، ان لا أحد قادر على اجبار الموظفين على الدوام تحت وطأة التهديد بالخصومات، فيما هم يخافون من الحوادث، والطلبة ذاتهم لايهمهم لو تأخر تأخر تخرجهم فصلا، فالتأخر جراء الغياب، خير من التخرج على كرسي مدولب، والجبائر تغطي جسد الطالب او الطالبة، والوظيفة غير متوافرة في الحالتين.
الذين تم اتهامهم انهم خرجوا للهو والعبث على طريق المطار قبل ايام، عادوا الى بيوتهم، لكننا نعيد انتاج هذا المشهد بالطلب من مليون وربع مليون سيارة، بالخروج عبر شوارع مغلقة ومنجمدة، والانضمام الى قوافل الشهداء والجرحى، في شوارع ضيقة جدا، تفيض بأحمالها.
لعل الحكومة تصدر قرارا مبكرا هذا اليوم بتعطيل الدوام، اليوم وغدا، أو تعفي الطلبة في الجامعات والمدارس من هذه الأشغال الشاقة، التي لم يروا مثلها في حياتهم.
mtair@addustour.com.jo