عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

انتحار أمريكي بالإنابة!

شهدت الصحافة العبرية في الاسابيع الأخيرة موجة عارمة من العناوين الصاخبة، خصوصاً في التعليقات على الاتفاق المؤقت بين ايران والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، ومن تلك العناوين انتحار امريكي، ففي مقالة نشرت في ايديعوت احرونوت لروف فايسغلاس، ثمة اعلان صريح عن فشل اسرائيل في الضغط على الولايات المتحدة للحيلولة دون أي تفاهم مع طهران، ورغم كل المحاولات المبذولة على هذا الصعيد من خلال اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الا ان ما جرى بين واشنطن وطهران كان بمثابة الممحاة التي اعادت الورقة شبه بيضاء للبدء من أول السطر، وعدد المرات التي رأى فيها اللوبي اليهودي امريكا تجازف به محدود، وان كنا نتذكر ما حدث اثناء العدوان الثلاثي على مصر وتصريحات دالاس الشهيرة من المستشفى الذي كان يعالج به، ومن الآراء الشائعة في الوطن العربي ما يقال عن سيطرة اليهود في امريكا على القرار السياسي خصوصاً من خلال الكونغرس، وأذكر ان د. صادق جلال العظم أصدر كتيباً ناقش فيه هذا الرأي، وتوصل الى نتائج مغايرة، فأمريكا لا تخضع أجندتها واستراتيجيتها لتل أبيب رغم كل ما يصدر عن رؤسائها لمجرد وصولهم البيت الأبيض من تصريحات حول التحالف المقدس بين واشنطن وتل أبيب، واعتبار اسرائيل الحليف المعصوم الذي لا يمس، لأن أمنه من أمن امريكا القومي.

إن مثل هذا الارتهان لإسرائيل لا يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية، فثمة أصوات في امريكا بدأت تهمس بأن اسرائيل تحولت الى عبء ذي ثلاثة أبعاد اقتصادي وسياسي وأخلاقي، وحين يرد في مقالة كهذه أن امريكا بهذا التقارب مع طهران تمارس  انتحاراً سياسياً فان تفسير ذلك لا بد أن يتجاوز السياسة والاقتصاد معاً الى السايكولوجيا.. لأن المقصود بانتحار امريكا تخليها ولو جزئياً أو اجرائياً عن الحليف المقدس، ويسمى هذا القصور في علم النفس الاسقاط، فالمقصود بالانتحار هو اسرائيل وليس أمريكا لأن مجرد الخروج عن بيت الطاعة الصهيوني ولو لخطوة واحدة هو بمثابة التخلي عنها، وهي من الهشاشة رغم كل ما تدخره من الجعبة النووية بحيث تحولت الى بيضة كما وصفها ذات يوم صحفي فرنسي، فالبيضة لا تحتمل أن تجرح لأنها اما ان تبقى سليمة ومتماسكة أو يسيل محتواها على الارض تاركاً وراءه قشرة مهشمة، واذا كانت اوروبا قد بدأت تتململ من وطأة الابتزاز الهولوكوستي، فان الولايات المتحدة ترى نفسها خارج هذا السياق كله، فهي لا تحمل ذاكرة آثمة ازاء اليهود كما هو الحال في المانيا مثلاً.

وافراط اسرائيل في التعويل على امريكا وكأنها خلقت لتكون مجرد درع لها هو ما يدفع كاتباً يهودياً الى وصف التفاهم بين واشنطن وطهران رغم انه مؤقت وخاضع للاختبار بأنه انتحار سياسي!