"أبو عيون حُمر"
كانت “النملية” في زمن ما مثل المنطقة العسكرية ، يمنع التصوير أو الاقتراب منها، طبعاً لا أعرف ما سرّ هذه القدسية رغم أن ما تحتويه بعض “سخانات”القهوة المكسورة ، “خيطان تلحيف” ،فتايل سراج عتيقة، “إبر خياطة”، سحّابات فلتانة، وأمشاط ماركة الفيل كلها موضوعة في تنكة توفي مربعة ، بينما صرة الحناء ومكعبات الــ”نيلة” وبعض أزرار الملابس الملوّنة محفوظة في “قطرميز” مرّبى فارغ، اما فواتير الماء والكهرباء وشهادات الميلاد ورسائل المغتربين و وصولات المسقفات موضوعة جميعها بصندوق خشبي اسطواني..للأمانة التحذير لم يكن من أجل هذه الأشياء ، وإنما لأجل “سفط بقلاوة” قد وصل أمي ذات عيد ، او “نصيّة حلاوة” كان قد استدّها الوالد من مدين ما ويرغبون بإعادة استخدامها في ردّ زيارة لقريب أو عيادة مريض..
عملية السطو على النملية كانت بالنسبة لنا متعة لا يفوقها متعة، ولأن غالات الخزانة قديمة فإن أي مفتاح “هامل” يستطيع ان يفتحها حتى مفتاح السردين، يمين شمال ..شمال يمين..”طِقّ” يفتح باب “النملية” نمدّ أيدينا من تحت الغلاف الخاص بالسفط، نفك اللصقات بحرفية، نخلع الغطاء، نأكل بسرعة أشهى القطع المنمّقة في الطبقة الأولى من الباكيت..ثم نضع الغطاء مكانه ونعيد الغلاف تقريباً كما كان، وبلحسة لسان – المشبع بالقطر- على اللصقات نعيد كل شيء الى وضعيته الأولى..أما بالنسبة لـ”نصية الحلاوة” فالوضع أسهل بكثير ..سكّين يخلع الغطاء الدائري المرصوص..وبنفس السكين نحفر بها زاوية عميقة نأخذ “كبتول” الحلاوة ثم نضغط الغطاء الدائري مكانه…ثم نغلق باب النملية “شمال يمين يمين شمال” “طقّ” يغلق باب النملية كما كان!!.
عند اكتشاف حادثة السرقة ، يأتي الحجّي الله يرحمه يقف غاضباً أمام درجة الباب..”ولكو مين ماكل سفط البقلاوة”..؟؟ يرفع الجميع أياديهم “والله مهو أني”..فلان ؟؟”والله مهو أني” فلانة؟؟”لا والله ما بدري عنه”..لعاد فلان؟؟ “والله ما ذقته ولا بدري وين هو”..ثم تتدارك أمي الموقف ومنعاً لإحراج المتّهم الأول الذي يكاد ان يكتشف او يكشف نفسه كانت تقول: “خلص بجوز القطّ ابو عيون حُمُر”..فيفهم والدي الرسالة ويردّد: آه صح..القط أبو عيون حُمُر…ثم “تلفلف” القضية..
الناس مشغولة هذه الأيام بالسؤال ..من الذي وقع على بيع أسهم الضمان في بنك الإسكان ..والكل يجيب “والله مهو اني”..طيب من وقّع على الكازينو من وقع على الفوسفات..؟؟…أكيييييييد:
“القط أبو عيون حُمُر” !!
خلاص تدققوش عاد!!