اعتذار الى بنت الشمس
طيلة أسبوع وأنا أتحايل على وجعي ، أبحث عن أشياء تنسيني توقيت الجريمة ، أغمض عيني عن صورتها الطفولية البريئة ، أُلهي نفسي متابعة “التفاصيل” الجديدة التي تتناقلها المواقع كخبر عاجل، لأن هذا القلب المثقل المثقل بالأحزان لم يعد يحتمل حزناً طازجاً بريئاً وثقيلاً مثل “نور” ..
طيلة أسبوع وأنا أتمضمض بالدعاء لها عليّ أغير طعم الدم الذي ظل يلاحقني في كل جملة وكلمة وحرف وفاصلة، في صفحات الجرائد ، وبين دفاتر التدوين ، وعلى أوراق التذكير الصغيرة..
..لحظة العثور على “نور” الطاهرة ضاعف فيّ الوجع..مسجّاة على الإسفلت ما زالت كتبها قربها .. دمها الدافىء يغطّي جسدها ووجهها ، لم يسقط حجابها رغم مقاومتها ، حولها بعض المذهولين الذين بدأوا يحيكون روايات القتل ..احدهم تشجّع واقترح ان يطلب الدفاع المدني فأيده آخر ..لكن نور ماتت..
نور “شقشقة الفجر” قاومت الذئب بأظافرها وقوة الزنابق ، لتضيء الدنيا بعفّتها …صحيح أن مقعدها في المحاضرات سيكون خالياً ، صحيح ان اسمها سيكون غائباً عن امتحانات الــ” ” second” وأن صوتها سيكون خافتاً في مادة التلاوة ..لكن ترتيلها الصامت أخشع الدنيا بأكملها.. صحيح ان مصروفها اليومي لم يزل في جيب جلبابها ، ورصيد هاتفها لم يزل فيه بعض القروش ، إلا أن رصيد الحزن في قلوب الأردنيين لا تكفيه كل الكلمات..
عذراً يا ابنة الشمس أن أدمعتك أو أدمعت صديقاتك القريبات ، لكنّي كأب وأخ وشقيق وانسان موجوع كثيراً… عذرً يا ابنة الشمس فهذا بعض حزني الذي حاولت أن أكبته وها أنا رغماً عني أكتبه..
نور يا يمامة نزفت أحلامها كل أحلامها على الإسفلت وغادرت…هذا الطريق المعبّد بدمك ..طريق كل العفيفات والأحرار..
نور يا حرّة ..
أطلقي للريح الغرّة ..
فلن ينساك الأردنيون…
بأمان الله “يابا ”