0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

حين أطاحت ملفات الفساد بالثقة!

ما الذي يدفع الناس الى التشكيك بكل ما يصدر عن المسؤولين من مقررات واجراءات حتى لو كانت في ظاهرها تشكل حلولا منطقية لمشكلات مزمنة؟ خذ –مثلا- المشروع النووي الذي يجري الآن النقاش حوله ومحاولة اقناع الرأي العام به؟ هذا المشروع – في الاصل- كان يمكن ان يحظى باجماع وطني؛ لانه  يطرح حلولا مثالية لمشكلة “الطاقة”  التي تكلف الخزينة مليارات الدولارات سنويا لكن اصرار البعض على رفضه يعكس مسألتين: احداهما تتعلق “بجدوى” المشروع من جهة التكاليف والامكانيات والامان ومع وجود “بدائل” اخرى اقل كلفة واكثر امنا، وهذه المسألة هي خلاصة رأي “الخبراء” المعارضين، اما الأخرى فتتعلق بافتقاد المواطن ثقته بما يصدر عن المسؤول أيا كان من تصريحات او تأكيدات، وفي ذاكرة الناس –بالطبع- عشرات المشاريع والمبادرات التي انطلقت واستبشروا بها كحلول لمشكلاتهم ثم صدموا بعد ذلك حين اكتشفوا انها “افشلت” او ان الفساد تسرب اليها كما حدث مع سكن كريم وموارد وغيرها.

في دائرة “افتقاد” الثقة او نقصها على الأقل يمكن أنْ نضع “السرّ” الذي يدفع المواطن الى التشكيك بكل ما يستقبله من المسؤولين، سواء حين يتحدثون عن الانجازات أو حين يدحضون ما يتردد من شائعات.

وربما تفتح قضية “اسهم الضمان” ذاكرة الناس مجددا على “هوّة” الثقة هذه والمشكلة هنا ليست في التفاصيل ولا في السجالات التي تدور حولها وانما في “قابلية” الناس على تصديق كل ما يتعلق بالفساد سواء أكان صحيحا أم لا، وسواء أكان المسؤول متورطا أم  بريئا.

المسألة –بالطبع- لم تأت من فراغ، ففي غياب الشفافية والمصارحة والمساءلة ينتصر لدى المواطن منطق “تصديق” الاخبار التي تتعلق بالفساد على منطق “الشك” فيها او طلب الدليل على صحتها، ويصبح من الصعب –ان لم يكن محالا- على المسؤول ان يتحدث عن فساد “انطباعي” لان الانطباعات في غياب ادلة النفي الصحيحة ومع وجود “التجارب” الدالّة على مرور “الفساد” مرور الكرام تتحول الى حقائق، ثم تعمل عملها في “ذهنية” الناس حتى تصبح “قناعات” واخطر ما تفعله هذه القناعات هو انها “تسلب” ثقة الجمهور بالمسؤول… وبالبلد ايضا.

على مدى الاعوام الماضية دفع مجتمعنا ثمنا باهظا لطي صفحة “الفساد” وطمر ملفاته وتجاوزها، لكن النتيجة للاسف لم تكن كما توقع البعض حين راهنوا على “امكانية” تسديد الاموال او تعويضعها بطريقة او بأخرى او على “ضعف” ذاكرة الناس او على غيرها من اعتبارات؛ لأن الخسارة كانت “ثقة” الناس، وهذه لا تقدر بثمن، ولا يمكن تعويضها.

اذا سألت اليوم عن “سر” تراجع هيبة الدولة وهيبة المجتمع وهيبة القانون وغيرها، ستكتشف بان الاجابة الصحيحة عن هذا “اللغز” هي: انحدار “الثقة” بين الناس والمسؤولين عن ادارة شؤونهم العامة، ولعل الامتحان الذي افرز هذه الاجابة هو امتحان مكافة الفساد، لا يتم هنا الحديث عن عدد القضايا وغياب الادلة عن  بعضها ودور مجلس النواب الماضي في  طي هذه “الملفات”… ولا عن الادوار التي تنهض بها مؤسسات المحاسبة ومكافحة الفساد، ولا عن “التشريعات” التي تتعلق بالذمة المالية “ومن اين لك هذا”.. المهم هو اقناع المواطن العادي وغير السياسي بأن ثمة ارادة لمواجهة هذا “الغول” والاطاحة به علنا وبلا اي “اعتذارات” لأن عين المواطن –بعد ذلك- هي التي ستقرر “تسليف” الثقة للمسؤول، واستقبال مقرراته وتصريحاته ومشروعاته على لواقط “الفهم” وربما التصديق لا على لواقط الشك والتشكيك وعدم الثقة.