عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

بماذا تفكر طهران..؟ وكيف نتعامل معها؟؟

اذا كانت “مراسيم” التوقيع على اتفاقية “النووي” بين ايران والدول الست الكبرى يمكن ترجمتها –بالنسبة لمنطقتنا على الاقل-  في كلمتين هما باختصار: “الايرانيون قادمون”.
 هذه النتيجة –بالطبع- لم تكن صدمة، واذا كان ثمة من تفاجأ بها فهو احد اثنين: اما انه لا يعرف كيف تفكر طهران وماذا تريد، أو انه يعرف ذلك تماما لكنه أخطأ في رهاناته السياسية وتقديراته الاستراتيجية،  وانما –ايضا- انعطافة تاريخية يفترض ان تدق اجراس الحقيقة في عالمنا العربي، لكي نواجه انفسنا بثلاثة أسئلة على الأقل: أولها: كيف حققت ايران هذا الانجاز وما هي خطواتها اللاحقة، والثاني: ماذا تريد ايران من عالمنا العربي وما هي طموحاتها بالنسبة لنا؟، والثالث: كيف نتعامل مع طهران وماذا نريد منها بعد تتويجها “لاعبا” أساسا في هذه المنطقة؟
قبل ان اجيب استأذن بتسجيل ملاحظات سريعة على الهامش، الاولى: إن الولايات المتحدة الامريكية بدأت على ايقاع الانهيار الاقتصادي العالمي “2008” بتغيير استراتيجياتها وخاصة في الشرق الأوسط، وانتهت في العام 2010 “عام التحولات في العالم العربي” الى تحديد ثلاث دوائر نفوذ للتعامل معها وهي ايران وتركيا واسرائيل، ولأن علاقاتها مع تركيا واسرائيل محكومة بمصالح واعتبارات مفهومة، وان اختلفت نسبيا، ظلت ايران هي “عقدة” المنشار، وها قد جاء دورها الآن لملء الفراغ وتأمين المصالح الدولية في المنطقة، الملاحظة الاخرى هي ان عصر الحروب الكبرى انتهت، وخاصة بالنسبة لأمريكا، ومع بروز اربع قوى في العالم هي امريكا والصين وروسيا واوروبا، فان “استيعاب” ايران والاعتماد عليها “كقوة” نفوذ اساسية يخدم  مصالح هذه الاطراف الدولية كلها، كما انه يصنع معادلة “ردع” جديدة لمواجهة “الطموحات” ذات البعد المذهبي السني، سواء “لحصارها” او “لاشغالها” عن مواجهة اسرائيل.
بالعودة الى الاسئلة الثلاثة السابقة، يمكن الاشارة الى  بما يتعلق “بالانجاز” الايراني ان طهران بدأت في صياغة “استراتيجياتها” منذ انطلاق الثورة “1979” على اساس فكرة “الحكومة الاسلامية العالمية” التي قدمها الامام الخميني، وفق نظرية “تصدير الثورة” إذْ اشار الى الطبيعة “الكونية” لهذه الحكومة والى ضرورة “تعميم” الثورة لتحقيقها، عادّا أنّ ايران هي “النموذج” الصالح لانجازها، لكن هذه الرؤية جرى “تطويرها” من قبل مهندس السياسة الايرانية “محمد جواد لاريجاني” وقد كان بالمناسبة من أوائل  من دعا الى ضرورة “التقارب” مع امريكا والغرب، وفصل من منصبه بسبب هذه الدعوة، “يشغل الآن رئيس مجلس الشورى”، ففي كتابه “مقولات في الاستراتيجية الوطنية” عدّ لاريجاني أن ايران هي “ام القرى” وبالتالي فانها تشكل “مركزا” للعالم الاسلامي، وهزيمتها  او انتصارها هزيمة أو انتصار للإسلام كله، ومن هنا لا بد من الحفاظ عليها ليس فقط داخل حدودها وانما في اطار “رسالتها” العالمية، وعليه فقط طرح فكرة “التمدد الجغرافي” باعتبار ان نجاح اية “امبراطورية” يعتمد على قدرتها على توسيع حدودها واطلق على الحكومة المناط بها تحقيق ذلك “الحكومة الاسلامية العملية” والعملية هنا هي البديل عن “العالمية” التي اشار اليها الخميني.
في ضوء ما تفكر به ايران اعتمادا على نظرية لاريجاني “ام القرى” يمكن ان نفهم بوضوح ما تريده وما تسعى اليه على صعيد اطارها الحضاري العربي والإسلامي وفي الاطار الحضاري العالمي ايضا، وما تريده هنا يبدو مشروعا لها كأمة وكدولة وكثورة ايضا، ولكن غير المفهوم ان لا يكون لنا نحن العرب “مشروعنا” الخاص، وان نكتفي “بالهجوم” على الاخرين من موقع الضعف لا من موقف الندّية، وهنا يبدو السؤال عن كيفية تعاملنا مع طهران الان ضروريا ولدينا ثلاثة خيارات: أحدها الدخول في صراع مع ايران بصفتها خطرا على عالمنا الإسلامي ويمكن تبرير هذا الخيار بالكثير من المسوغات والأدلة، أمّا الخيار الثاني فهو الاستمرار في تجاهل هذه “المستجدات” التي طرأت على “الخريطة” الاقليمية ومحاولة بناء “مصدات” سياسية للتقليل من أخطارها بالاعتماد مجددا على “لعبة” المصالح مع الغرب، ويبقى الخيار الثالث وهو استقبال ذبذبات “النفوذ” الايراني للتفاهم مع طهران على قاعدة بناء “قواعد” جديدة للخيارات والمصالح المشتركة، بما يضمن عدم استعداء ايران وعدم تمكينها بالتالي من تهديد مصالح جيرانها.. وبما يضمن ايضا بناء “تفاهمات” حقيقية بين “القوميات” الثلاث في المنطقة “الاتراك، العرب، الفرس” في مواجهة القومية اليهودية الدخيلة على المنطقة.
اذا سألتني: اي الخيارات أجدى؟ الخيار “ان شئت الاضطرار” الثالث هو الأفضل، بالطبع، لكنه يحتاج الى شرط اساس وهو ضرورة “انتاج” مشروع عربي، او تحالف عربي، قادر على الجلوس مع ايران “وتركيا ايضا” على طاولة الحوار بندّية وقادر -ايضا- على “التكيف” مع التحولات التي تشهدها المنطقة والعالم، ومن دون ذلك فانه لا يجوز لنا ان نلوم غيرنا “سواء طهران أم سواها” اذا ملأ الفراغ الذي عجزنا عن ملئة واشغاله؟