لماذا يتخوف الأردن من سيناء؟!
تفجيرات سيناء المنسوبة إلى القاعدة تقول الكثير، إذ أن كل سيناء تذهب باتجاه مواجهة مع الجيش المصري، غير أن المواجهة لن تقف عند هذه الحدود، إذ سرعان ما ستترك أثراً على المناطق المجاورة وتحديدا فلسطين المحتلة والأردن.
هناك تنسيق أردني مصري أمني على مستوى ملف القاعدة وما يجري في سيناء، بخاصة مع المخاوف الأردنية من تهريب السلاح الى العقبة، أو القيام بعمليات ضد العقبة وإيلات معاً، أو عبر العقبة ضد إيلات.
هذا يعني أن سيناء، باتت مصدراً ومنبعاً للأخطار الأمنية على دول الجوار، غير أن درجات الخطر تتفاوت من بلد الى بلد.
القاعدة تحيط بالأردن من ثلاث جهات: غرب العراق، جنوب سورية، وجزيرة سيناء، وإخطار القاعدة تتم جدولتها، والتقييمات تتحدث عن المسافة العازلة والأمنة بين الأردن والعراق، وتعتبر أن القاعدة مشغولة في معركتها في سورية، فيما القاعدة في سيناء قد لا تكون متفرغة لمد عملياتها الى دول الجوار، وقد لا تكون قادرة كلياً في الوقت الحالي.
هذه التقييمات قد تسقط بغتة، بخاصة إذا قررت «قاعدة سيناء» ارباك النظام المصري الحالي والإقليم أيضا، عبر عمليات في فلسطين المحتلة، أو حتى مد عملياتها الى الأردن، بحيث تصنع مثلثاً أمنياً ضاغطاً ومتفجراً، في مصر وفلسطين والأردن.
ذات الأمر ينطبق على قاعدة سورية، التي يمكن أن تتأخر ظلالها عن الاردن غير أنها لن تغيب نهائياً، وستطل برأسها عما قريب.
القاعدة في سيناء إذا تعاظمت قوتها فقد تمتد ايضاً الى مناطق شمال الجزيرة العربية بحراً او براً، وهذا يعني ان التنظيم إذا اشتدت قوته، فسيكون قادراً من جهة أخرى على إحاطة الاردن من جنوبه المفتوح، بحيث تكتمل إحاطة القاعدة مثل السوار حول المعصم.
هذا يعني أن ملف القاعدة الذي لم يكن في الاساس ملفاً اقليمياً بل سيبقى ملفا دولياً، وفي ذات الوقت قد تؤدي هذه التحديات الى انتاج مطبخ امني وعسكري اقليمي يتجاوز الحالة المصرية لمواجهة القاعدة في المنطقة.
صناعة القاعدة جرت بيد انظمة عربية رعتها لحسابات معينة في افغانستان، ثم خرجت القاعدة عن طوق الرعاية، نحو برنامجها الخاص، فشهدنا لاحقاً حرباً دولية ضد القاعدة.
هي حرب سرعان ما خفتت تحت وطأة ضعف القاعدة من جهة ثم الحاجة المستجدة لها من جديد في سورية ولإرباك حكومة بغداد، وتوظيفات معينة ضد الحكم الجديد في مصر، من جانب عواصم عربية، تحارب القاعدة على أرضها، وترعاها في مواقع أخرى.
لعبة محفوفة بالخطر، ثنائية التهديد والتوظيف، ولا أحد قادر على أن يحسم نهايات هذه اللعبة، التي تشبه اللعب بالنار، والتنسيق الأردني المصري تجاه سيناء، جزء من تنسيق أشمل، غير أن التنسيق لن يكون كافياً بعد قليل، أمام حاجة كل المنطقة لمطبخ أمني وعسكري يدير رد الفعل تجاه القاعدة في المنطقة.
نرى حضوراً للقاعدة في كل الدول العربية، مع تجاوز الاحتلال الاسرائيلي، وهذا مطعن مهم، لأن القاعدة بهذه الطريقة تتورط في ملفات داخلية، بدلا من بوصلتها باتجاه غزة وجنوب فلسطين.
سنشهد بالتأكيد -دون جهر- تأسيس مركز اقليمي امني لمواجهة القاعدة في المنطقة، وثنائيات التنسيق بين الدول لن تبقى في إطار الثنائية، وستنزع بعد قليل الى تأسيس مركز اقليمي عربي اسرائيلي دولي لمواجهة القاعدة، في ظل الحسابات الاكتوارية التي تقول ان بوصلة القاعدة قد تتجه بعد قليل الى الاحتلال الإسرائيلي من الجولان الى سيناء، مروراً بجنوب الاردن.
القاعدة قد تسعى للتّطهر من فكرة استثنائها للاحتلال الاسرائيلي من مواجهاتها، والرعب الأمني في المنطقة قائم على اساس سؤال يقول:هل سنسمح للقاعدة أن يشتد عودها وتوجّه سلاحها في النهاية لإسرائيل؟!
استحضارالعفريت شيء، وامتلاك القدرة عند الساحرعلى إعادته الى الجرة شيء آخر تماماً!.