سألني النقابي السابق صدقي الفقهاء، العتيق في صفوف حزب الوحدة الشعبية: لماذا تقف ضد «المعارضين الجدد» وأنت لازلت معارضاً للكثير من السياسات الرسمية، والظلم ما زال رفيقك وآخرها أن فصلت من صحيفة الغد ولازلت لا تعمل وإن كان الفضل لمحمد التل ومن بعده مصطفى ريالات أن فتحا لك منصة الدستور وأبوابها للكتابة بلا وظيفة، وبلا مكافأة، وبلا راتب؟؟.
أجبته لأنه فهيم وموثوق ومطلع « أُعتقلت لسنوات طويلة، ولم أمت، وكنت ممنوعاً من السفر ولم أمت، وممنوع من العمل ولم أمت، ولكنني لو توقفت عن الكتابة سأموت، ولذلك أواصل الحياة والكتابة معاً، وهما حياتي ومهنتي اللتان لا أملك غيرهما « وتابعت له « المعارضون الجدد، وقعوا بالمظلة، وقادتها يجهلون تاريخ شعبنا وتضحيات قياداته، وإن كان البعض القليل معهم، ربما يرشدونهم لمعنى النضال، وموازين القوى، ودقة المواقف، ومضمون الكلمات «.
ومع ذلك لست ضدهم بل أختلف معهم لأنهم :
أولاً : لم يفهموا المصالحة التي تمت بين رأس الدولة الراحل الملك حسين والشيوعيين والبعثيين واليساريين والقوميين، عبر استقبال الراحل للمكاتب السياسية لأحزابهم، ومشاركتهم في لجنة الميثاق، والتي كانت بمثابة لجنة المصالحة الوطنية التي جمعت الإخوان المسلمين مع الشيوعيين والبعثيين واليساريين والقوميين، مروراً بالمحافظين، أسألوا عدنان أبو عودة مهندس تلك المصالحة، وكنت فاعلاً مساهماً جندياً في تفاصيلها.
وحصيلة ذلك، أن الشيوعيين والبعثيين واليساريين والقوميين لم يعودوا أعداء النظام، وإن كانوا معارضين، ولازالوا لسياساته أو لبعضها ويواصلون العمل والنضال من أجل الإصلاح السياسي والاقتصادي وصولاً إلى تحقيق الديمقراطية وتداول السلطة واختصاراً إلى « النظام النيابي الملكي « كما ينص الدستور حتى بعد تعديلاته.
ثانياً : حين بدأ المعارضون الجدد تحركاتهم وقفوا علناً ضد النقابات المهنية، وتظاهروا واعتصموا أمام النقابات لأن قادتها فتحوا الحوار والتقوا مع رأس الدولة جلالة الملك يوم 20/12/2018، واستقبلوا رئيس الوزراء عمر الرزاز في مبنى مجمع النقابات يوم 27/12/2018، ورفضهم للأحزاب اليسارية والقومية، والمزايدة عليهم يعكس عدم معرفة المعارضين الجدد لواقع النضال وتاريخ المناضلين وأدواته ووسائل عمله وأولوياته.
وإذا لم تكن جهالة ولعدم المعرفة فهو تطرف يُدلل على ضيق الأفق، ويؤدي إلى تفتيت تطلعات الأردنيين ضد الفساد والمحسوبية، ولا يتفق مع نضال الأردنيين لاستعادة حقوق شعبنا الدستورية الكاملة في التعددية والديمقراطية وتداول السلطة وفق إفرازات صناديق الاقتراع بعد أن نصل إلى قانون انتخاب ديمقراطي موحد للأردنيين على أساس القوائم الوطنية الجامعة، وليس قوانين الحارات والجهويات.
ثالثاً : لقد كانوا شركاء الشرائح الحاكمة من الرؤساء والوزراء والأعيان والباشوات في العهد العرفي، فنالوا الوظائف والامتيازات والمكاسب، ويسعون اليوم لسرقة تضحيات اليساريين والقوميين الذين عملوا وناضلوا لاستعادة شعبنا لحقوقه الدستورية التي كانت معطلة طوال سنوات الأحكام العرفية ولذلك لا يحق لهم المزايدة على أحد.
رابعاً : لقد نالوا المكاسب والامتيازات في فترة الرخاء والشراكة وفقدوها في وقت الحرج والشدة والحصار، فيعملون على استعادة مكاسبهم وامتيازاتهم أو نيل المزيد منها، وهذا ما قاله بعضهم عن البعض الآخر.
طريق النضال مازال مفتوحاً ولكن بأدوات مدنية ديمقراطية قانونية دستورية، بقيادة الأحزاب القومية واليسارية والوطنية والنقابات المهنية فهم المرجعية وهم الرؤية وهم الامتداد للماضي وسيواصلون نحو الأردن الديمقراطي الدستوري النيابي الملكي الذي نعمل له ولأجله وسنبقى.