عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

قسط من ثمن الاستبداد..!

كدنا نعتقد باننا خرجنا -في عصر الثورات العربية- من عهد الرق والاستعباد الى عهد الحرية ،لكن يبدو ان الامل ما زال بعيدا، يكفي ان ندقق في صور الشعوب التي تصرخ في الشوارع(آسفين يا ريس) او تناشد الزعيم(كمل جميلك) او الاخرى التي ما تزال تردد (بنحبك يا..) وتدفع دمها ثمنا رخيصا لبقاء القائد الى الابد،يكفي ذلك لكي نقتنع باننا لم نغادر (زنازيننا) التي وضعنا انفسنا بها بعد،وبان ما قاله مالك بن نبي حول (قابلية الاستعمار)او قابلية الاستبداد- لا فرق- هو جزء من عموم البلوى التي اصابتنا وما تزال.
في مصر مثلا لم يحتمل الليبراليون الذين ركبوا على ظهر  الانقلاب مجرد برنامج ساخر انتقد السلطة الجديدة ، فقرروا اقصاءه بذريعة انه اساء لمصر، فيما كان هؤلاء انفسهم اول من اتهم الاخوان المسلمين بانهم ضد حرية الرأي والتعبير ،وبانهم استحوذوا على السلطة واقصوا الاخرين عنها.
في سوريا يبدو المشهد اكثر بشاعة،فالذين يرفعون اصواتهم دفاعا عن النظام الذي يقتلهم ، يتصورون ان الوطن اصبح بحجم القائد وان بقاءه بالتالي مرتبط به، وهم لا يميزون بين حرية تتيح لهم الانعتاق من سجن الحزب القائد واخرى تدفعهم الى الموت دفاعا عن بقائه.
 
سألت نفسي: هذا الرق الجديد.. من يتحمل مسؤوليته؟
الناس الذين انطلقت حناجرهم ترحيبا بالمستبد – مهما كان اسمه او عنوانه- واعترافا بالدّين الذي طوق به اعناقهم ،ام الطاغية    البلدي الذي صنع منهم عبيدا لا احرارا، ورعايا لا مواطنين؟ النخب الي تربت على الانتهازية وادمنت النفاق  واستقالت من المروءة ام المجتمع الذي طرد الاستقامة وشوه الحرية والغى من قواميسة لغة السباحة ضد التيار ؟
مهما تكن الاجابة، فان صورة الانسان العربي البائس الذي لم يعد قادرا على التمييز بين منقذه وجلاده، او بين المستعبد الوطني والسيد الاجنبي، ما يدعو الى الرثاء حقا.. فهذا الانسان مطالب بأن يدفع الثمن كل مرة، ثمن الولاء لانظمته  التي تقيس حجم انجازاتها بعدد من تقتله من شعوبها ومن تقمعه ومن تخرس لسانه.. وثمن الدفاع عنها والقتال من اجل  مغامراتها  ضد خصومها    و اعدائها (ويا ليت انهم اعداؤها الحقيقيون)، وثمن  التغيير  القادم على دبابة الاخر لاقتلاع الجميع من الجذور .
في بلداننا العربية التي اكتوت بحكم الممانعين والعسكر ثمة  صورة تثير الشفقة حقا، فهؤلاء الذين بحت حناجرهم    احتفاء بالزعيم القائد والخالد يستحقون الرثاء، ومن قال ان الطغيان يمكن ان يصنع غير هؤلاء المرضى بداء العبودية والتبعية والتماهي مع  الآمر الناهي  كائنا من كان، ومن قال ان هؤلاء لا يحتاجون منا، بدل الغضب والمحاكمة والاشمئزاز، لشيء من الفهم والعلاج.. اوالاحالة الى اقرب مارستان نفسي..
ومع انني اخجل من نفسي وانا احاول الدفاع عن هؤلاء الضحايا الذين شاهدناهم يتناسلون في عالمنا العربي بالملايين، الا انني لا يمكن ان افهم هذا الاصرار  الابوي  العربي على تفويت هذه المشاهد المفزعة التي تنقلها لنا وسائل الاعلام بتعمد، عن شعب ينحدر الى ما يشبه رقصة الذبيح على اشلائه، بعد ان كان بالامس لا يعرف الا اسما واحدا وهتافا واحدا، وملهما لا يستطيع احد ان يرفع سبابته امامه.. فاذا هو بين ليلةواخرى يهتف للمستبد  الجديد .. ويتنكر لأمسه التليد!
الا يغري هذا المشهد على استعادة كل ما اخرجته لنا مصانع  الزعامة  من صور للاحتشاد والثقة والتعويل على الشعب الذي تربى على التضحية والفداء.. ان لم يكن من اجل الشعب نفسه ومن اجل الوطن ذاته، فمن اجل الحكومات والزعامات التي تخيلت بأن صمت الناس واستئجار اصواتهم وقت الحاجة، يمكن ان يغطي مساحة الخوف التي يستشعرونها منهم، او يضمن استغباءهم الى الابد .
ومع ذلك ، فان حالة الاسترقاق التي عبرت عنها  النخب  تبدو اكثر ايلاما، لا لانها تصدر من  الرأس  الذي نعوّل عليه في قيادة الجسد الى الحرية المنشودة، وانما لانها تجعلنا اكثر خوفا من استمرار الطغيان، وان كان قد استبدل عمامته بقبعة جديدة، ويبقى ان الناس الذين سرقتهم لحظة  النشوة  بخروجهم من سجن.. الى سجن آخر اكبر.. هم الاقدر على الصحوة من جديد.. لمتابعة درب المقاومة والنضال من اجل حريتهم وانعتاقهم من كل طغيان..
وقد ثبت بأن طريق العبودية مهما طال ورصف بالوعود.. قصير قصير، وبأن انتصار الشعوب في معاركها ضد طغاتها هو الحقيقة التي لا يمكن ان تستأصل ، مهما بالغ الطغاة في تعمير السجون ورفع المقاصل.. والشعارات المزيفة