“حنك رخو”
حضر المسّاح وبيده “الكركر”،كان يأخذ العرض والطول وأحياناً يستخدم “الفحجة” ، وهو يقيس قطعة الأرض المجاورة ، كان يضع علامات من الحجارة ومن الرمل الأبيض ثم أخذ حسابه وغادر .
في اليوم التالي حضرت جرافة قامت بالحفر حسب العلامات التي وضعها المسّاح ،وجار القطعة يتفرّج على عملية الإنشاء وأحياناً يزوّدهم بإبريق شاي أو “تيرمس مي”..
بعد أيام ، بدأ “الطوبرجية” بانشاء القواعد ،صبّت القواعد والأساسات وارتفعت الأعمدة ،والجار يتفرّج عليهم بهدوء..(أصل القطعة كانت لشقيق الجار) لكنه استولى عليها المالك الجديد بالنصب والاحتيال والخاوة..
بدأ يتشكل البناء، وبرز طوبار السقف، جاءت خلاطات الباطون وبدأت تسكب بالخراطيم العالية الاسمنت بالسقف الملاصق تماماً لبناء الجار..العمل يجري على قدم وساق دون توقف…نزل معمرجي الطوب ، قام بتقسيم المبنى والغرف والصالونات ،وصار الهيكل العام للبناية مكتمل تماماً والجار يرفع رأسه من السياج مراقباً المراحل مرحلة مرحلة..دخل القصّيرة بــ”صقايلهم” وحبالهم وكفوفهم ، وشرعوا يقصرون المبنى واحياناً كانوا يجبلون الجبلة في أرض الجار وتسيل مياه الباطون على شجره وساحة داره ، في هذه الأثناء كان الموسيرجي يجري تمديداته الصحية والكهربجي يؤسس لعمله القادم..والجار الصامت يراقب مراحل البناء خطوة خطوة دون أن يبدي أي انزعاج..
جاءت سيارة كبيرة محمّلة بالبلاط ، نزلت “طبليات البلاط” ووضعت أكثر من طبلية على مدخل الجار ، ومارس “البلّيطه” عملهم في اليوم التالي..وصار في الورشة أكثر من ورشة ، هناك من “يبلّط” هناك من “يمدّد”،وهناك من يقوم بديكورات داخلية “الجيبسنج بورد”..
اعرف ان السرد ممل ، لكني مضطر لذلك لغايات “الحبكة”..المهم تم بعدها تركيب الشباييك والأبواب، الدهان ، الاضاءة ، تركيب المطابخ، أطقم الحمامات،الخزانات،الدربزين، كاميرات المراقبة ،أجهزة الانذار،الستلايت..والجار يشاهد…ثم بدأت عملية ترحيل الأثاث، أطقم الكنب،المجالس،غرف النوم ،الستائر، المخدّات، حقائب الملابس..والجار يشاهد..
في اليوم الذي وضع فيه الجار المفتاح في باب المبنى الجديد..طل عليه الجار القديم من وراء السنسله
وقال له “بحنك رخو” يقطر عتباً: ليش ما تركت تهوية ؟..
هكذا فعلنا مع المطار الاسرائيلي الجديد..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail..com