تآكل أسرع من سريع
تعودنا على الطوشات والصلحات ورفرفة العبي والرجل المناسف في المكان المناسف، وصارت هذه الطوشات جزءا من تركيبتنا اللغوية ومن نسيجنا الاجتماعي ، لذلك لم يعد من المستهجن أو المستغرب أن نقوم بترويض النظريات الاجتماعية عن طريق استخدام الطوشة ومتطلباتها – من هبد وفنع وصهد – وجاهة كريمة وأخرى بخيلة .
نرجع لموضوعنا: في كل طوشة بين اثنين أو عائلتين أو عشيرتين أو حزبين أو قريتين ، تجد دائما من يحاول الفصل بينهما …يسمى هؤلاء (الحجّازين) أي الذين يحجزون بين المتخاصمين ، وغالبا ما ينال الحجاز أو الحجازين وابل من الضربات العشوائية من الطرفين ، بينما ينعم المتخاصمون بمصدر واحد فقط من الضربات و(الهوي)..بكافة أنواعها وبالذخيرة الحية ، سواء كان ضربات أيد وأرجل ،أو قناوي، أو شواعيب وما شابهها. لكن ذلك لا يردع الناس في مجتمعاتنا عن محاولة كسر الشر والفصل بين المتخاصمين .
أستطيع ، وبكل راحة ضمير ، أن أدعي بأن الطبقة الوسطى في مجتمعنا – كغيرها من المجتمعات- تقوم بدور الحجاز، بكل كفاءة واقتدار. فهي حين تقوم بهذا الدور إنما تحاول حماية أبنائها ، فالطبقة الوسطى هم ام جميع الطبقات والفئات الاجتماعية ، فمنها يتولد الأغنياء والكبار ، ومنها يتولد الفقراء والمسحوقين ، خلال عملية الحراك الاجتماعي الدائمة في المجتمع.
الأوضاع الاقتصادية الصعبة ، والسياسات الاقتصادية( الهبلا) تطحن غالبا الطبقة الوسطى وتسحب معظم مكوناتها الى الأسفل ، فيزداد الأغنياء غنى وسلطة، ويزداد الفقراء فقرا وانسحاقا واستبعادا واستعبادا. فتتآكل الطبقة الوسطى تدريجيا حتى تختفي .
ماذا يحصل بعد ذلك؟؟؟؟؟
يحصل تماما ما يحصل في الطوشات ، حيث يدمر المتخاصمون بعضهم بعضا دون أ ن يجدوا من يحجز بينهم ، فيكثر التدمير والتخريب ويكثر القتل ولا يجد من يحجز ومن يحجزون!!
هكذا تشرع الطبقات العليا بإنشاء مليشيات خاصة بها تحميها من الطبقات الدنيا وتعيش في كانتونات وغيتوهات داخل مجتماتها .. حيث تستبعد كل طبعة الطبقة الأخرى تماما عن مجالها الإجتماعي والإقتصادي ، وقد تلجأ الطبقات العليا الى تسخير الدولة ذاتها لحمايتها من الشعب الفقير.
هذا ما قد يحصل ، ونحن نشهد هذا التآكل السريع في الطبقة الوسطى !!!
والباقي عندكو!!