هموم الرئيس
واضح تماماً ان رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور ُيخطط للدورة البرلمانية العادية المقبلة،وعلاقة الحكومة مع النواب،وهذا يشي ان الحكومة مستقرة في موقعها،على الرغم من الكلام الذي ساد عمان،وتسلل الى عتمة صالوناتها السياسية في العيد حول رحيل محتمل للحكومة.
هذا ماتفهمه،ضمنياً،من كلام الرئيس دون ان يقوله بشكل مباشر،خلال ساعتين من حواره،ظهيرة البارحة مع رؤساء تحرير الصحف اليومية وعدد من كتابها الصحفيين،والرئيس يقولها صراحة انه يحترم النواب،وهو ايضاً،زاهد في الموقع،لاعتبارات كثيرة.
يتحدث عن خطط الحكومة الاقتصادية والسياسية،باعتبارها باقية ضمنياً للعام المقبل،دون ان يتلفظ صراحة بأي مفردة حول السقف الزمني لها،فهذا ايضاً،قدر سياسي لايفك غامض غيبه احد.
هموم الرئيس في اللقاء،متعددة،ابرزها مداخلاته حول السياسة الاقتصادية،والرئيس ذاته يرد على من ينتقدون سياساته الاقتصادية بكونها تؤدي الى اذلال الاردنيين،بأن هذه السياسات انقذت الخزينة من الانهيار الكامل،بعد ان وصلت في تواقيت سابقة،الى وضع لم تتوفرفيه رواتب الموظفين في الخزينة،ولاحتى المصارف المحلية قبلت اقراض الحكومة،مالياً،لدفع الرواتب،لتجاوزها السقوف.
هناك قرارات اقتصادية مقبلة على الطريق،ابرزها مايتعلق برفع الدعم عن الخبز،ودفعه نقداً للاردنيين والغزيين فقط،ثم التعديلات المحتملة على قانون الضريبة،الذي يعفي سبعة وتسعين بالمائة تقريباً من الاردنيين،من دفعها،ثم التعديل الجديد على تعرفة الكهرباء ضمن خطة التعديل لاربع سنوات،وهو التعديل الذي سيجري مطلع العام المقبل.
استمع الرئيس الى مداخلات مهمة حول التهرب الضريبي،ومعتقلي الحراك،والعلاقة مع الخليج،والعلاقة المقبلة مع سورية،والاصلاحات في الاردن،وانفاقات المال الذي يقدمه الخليج للاردن،وهو قد تحدث حول هذه القضايا،فوق ملفات الطاقة والكهرباء.
اهم القضايا التي تحدث عنها الرئيس مايتعلق بقانون الانتخابات الجديد،والرئيس يقول بشكل محدد ان هناك نية قريباً لتقديم قانون انتخابات جديد للنواب،وان هذا القانون لايعني ابداً حل مجلس النواب،كما يشاع لاجراء انتخابات مبكرة،وان بأمكان النواب مناقشته في التوقيت الذي يرونه مناسباً.
يكشف هنا النية عن عصف ذهني سيجري بشأن قانون الانتخابات الجديد،دون التورط في هيئات لاجل هذه الغاية،فاللجان ُمرهقة.
الرئيس العائد من الحج مستقر سياسياً،للغاية،وامام حكومته اجندة ثقيلة وصعبة،بشأن القرارات الاقتصادية المقبلة،وبشأن قوانين سياسية،مثل الانتخاب،بالاضافة الى بقية الملفات الداخلية،والاقليمية.
لاينكر رئيس الحكومة ان أخطر مافي الازمة السورية،تلك النتائج التي ستنجم عن التطرف وجماعاته،بعد انتهاء هذه الازمة،وهذا يعني فعلياً اعادة تدوير اخطار هذه الجماعات،وهو يقول ان الاردن ليس في غفلة من هذه الاحتمالات والحسابات تجاه المستقبل.
يرى الرئيس على صعيد العلاقة مع دمشق الرسمية،ان الاردن اتخذ موقفاً متزناً،خلال ازمة حافلة بالتقلبات،وان العلاقة مع دمشق ليست بهذا السوء الذي يفترضه البعض.
عند سؤاله عما سيفعله الاردن من اجل ترميم العلاقات مع دمشق،خلال الفترة المقبلة،ابدى اشارة ايجابية،ُمقراً بجرأة نادرة،ان اغلبية الاردنيين قد لاتكون مع اي طرف من طرفي النزاع في سورية،غير ان هذه الاغلبية تتخوف من سقوط دمشق الرسمية،ولاتريد هذا السقوط،لان نتائجه مؤذية لسورية والاردن؟!.
من زاوية اردنية،فأن هذه الاغلبية الشعبية ترى في سقوط النظام السوري باباً للفوضى المفتوحة ضد السوريين والاردنيين معاً.
لم يكن الحوار الاول،مع الرئيس،فقد سبقته عدة لقاءات،وهذا اللقاء يأتي مع اطلالة العام الثاني لحكومته،في توقيت يتسم بالحساسية على الصعيدين الداخلي والاقليمي،لكنك تخرج من اللقاء بأنطباعات كثيرة،تقول في المحصلة،ان التحديات ثقيلة وليست سهلة ابداً.