ترفّع مجلس النقابات المهنية للرد على بيان حراك الدوار الرابع ودعوتهم لوقفة احتجاجية على مواقف مجلس النقباء ، فقادة النقابات يدركون أنهم لا يمثلون حزباً، أو موقفاً، بل هم حصيلة مواقف وسياسات، ولذلك لم يندفعوا لإدانة موقف أو رفض دعوة الحراك، لأنهم ورثة التعددية وقيم الديمقراطية التي تحلت بها النقابات المهنية وحافظت عليها حتى في ظل الأحكام العرفية 1957 – 1989، ولذلك كانت عنواناً للحركة السياسية الأردنية وللمعارضة وبيتاً دافئاً للتعددية، للقوميين كما لليساريين، وللإخوان المسلمين كما لليبراليين، فلا يجوز لهم المساس بالتعددية، ولهذا احترموا دعوة قادة حراك الرابع الاحتجاجية كي تكون أمام مجمع النقابات اليوم السبت 29/12/2018 .
ولكن يتوهم البعض من الحراك، إذا اعتقدوا أنهم يتميزون وسيحتلون موقعاً قيادياً بديلاً عن النقابات المهنية وعن أحزاب المعارضة القومية واليسارية والليبرالية والإسلامية، ففي أسبوع ماضٍ تحدث بعضهم أنهم لا ينظرون لأحزاب المعارضة باهتمام، ووصفوهم أنهم من المساومين غير الجذريين أو غير المبدئيين، وقال بعضهم إذا التحق الأحزاب بنا فلا مانع شريطة أن يشاركوا تحت غطاء شعاراتنا وبرنامجنا، وها هم ينتقلون لمواجهة قادة النقابات المهنية ويوجهون لهم انتقادات حادة وعنيفة، ويدعون إلى وقفة احتجاجية رداً على بيان ولقاء لمجلس النقابات المهنية يوم الخميس 20/12/2018 ، على خلفية اللقاء مع رأس الدولة.
ولذلك هؤلاء الذين يتوسم الأردنيون فيهم أنهم سيعملون بوسائل وأدوات جادة غير عنيفة وحضارية مثيلاً ليوم 30/5/2018، وأنهم سيسهمون بتحقيق إصلاحات نتطلع إليها كمواطنين تعفينا من الانتظار لسنوات حتى تتحقق مطالب سياسية جادة في طليعتها قانون انتخاب نيابي يقوم على أساس القائمة الوطنية، وصولاً لحكومات برلمانية حزبية يتم تشكيلها من الكتلة البرلمانية الأكبر وفق القيم الديمقراطية، وإصلاحات اقتصادية تخفف من الغلاء والمديونية والعجز في الموازنة وتعالج الفقر والبطالة، وتقدم خدمات أفضل في التعليم والصحة والعمل.
الحراك حتى يواصل طريقه عليه التحلي بالتواضع عبر التفاهم والتنسيق، مع أحزاب المعارضة ومع النقابات المهنية الأكثر خبرة ودراية خاصة وأن الفريق الحزبي له تاريخ سياسي مشهود، والفريق النقابي من الشرائح المنتخبة التي تملك مصداقية تمثيلها لقواعدها النقابية، وهي نموذج نتباهى به لأنه يقوم على نزاهة الانتخابات وشفافيتها، مثلما تقوم على مبدأ تداول السلطة وفق أنظمتها الداخلية ونتائج صناديق الاقتراع .
بيان الدعوة للوقفة الاحتجاجية خال من التواضع ويبتعد عن القواسم المشتركة ويندد بموقف مجمل قادة النقابات، ولذلك لن يجد الصدى المأمول بالتجاوب مع أهدافه، وسيبتعد كثيرون عن الحراك بسبب تصادمه مع أحزاب المعارضة ومع النقابات المهنية، فالخصم هو السياسات الحكومية، وليست سياسات الأحزاب والنقابات، والبيان يخلط بين هذا وذاك، ويخلق أجواء من التوتر شعبنا في غنى عنها، بعد مشاهداته إلى ما آلت إليه، ووصلت تفاعيل وحراكات الربيع العربي نحو التطرف والإرهاب، ونحو الهزيمة المحققة، وبالتالي إخفاق ثورة الربيع العربي في تحقيق الحد الأدنى الذي يوازي التضحيات التي قُدمت، والخسائر الفادحة التي دمرت ليبيا وسوريا واليمن ومن قبلهم العراق والصومال والتراكمات مازالت تستنزف الموجود.