أين الأردن مما يرسم للمنطقة؟!
واضح تماماً ان هناك صفقة تجري سراً،في المنطقة،وواشنطن وسلسلة تحالفاتها،لا تفاوض الا الاقوياء الذين ُيقلقون حساباتها في المنطقة،وابرز هذه المعسكرات مايتعلق بالمعسكر الايراني السوري الممتد لبنانياً وعراقياً.
بعيداً عن التحليل السطحي،فإن تقاسم المنطقة بدأ مؤخراً،وهي منطقة يتنازع فيها معسكران،الاسرائيلي ومصالحه،ثم الايراني- السوري،والمكاسرة بين المعسكرين وصلت ذروتها،فيما بقية الدول متفرجة او تابعة او متلقية لنتائج التقاسم.
التقاسم هنا قائم على اساس مثلث النفط والجغرافيا والهوية الدينية،والمعسكر الايراني- السوري،اربك العالم،بتهديدات الكيماوي قرب اسرائيل،وتهديدات النووي قرب الخليج ونفطه،وايا كان الثمن الذي ستدفعه دمشق وطهران،فإنهما بالتأكيد ستحصلان على جوائز ترضية كبرى مقابل هذا الثمن،واقل هذه الجوائز،حفظ نفوذ هذا المعسكر ومصالحه وامتداده المذهبي والاقتصادي والامني.
وراء طبول الحرب التي سمعناها قبل فترة،صفقة جرت لاعادة رسم المنطقة،والتموضع من جديد حول النفوذ السياسي والامني والاقتصادي،واضح في كل معلومة،والعواصم الكبرى باعت احلافها،مقابل مصالحها المتعددة.
ليس ادل على ذلك من الانفتاح بين واشنطن وطهران،واشادات واشنطن وغيرها بتجاوبات الاسد،ثم ابرز هدايا هذه الصفقة الكبرى،والتي تجلت بالافراج عن تسعة لبنانيين شيعة تم اطلاق سراحهم،بوساطة تركية وقطرية،والمعلوم ان الدوحة وانقرة،لم تتوسطا الا في سياق الاستجابة لضغوطات اوسع تتعلق بتسويات كبرى في المنطقة،وليس حنوا مفاجئا على شيعة لبنان،ودمشق الرسمية.
اين نحن في الاردن من اعادة رسم المنطقة،اذ كان حلفاؤنا في الخليج غضبوا بشدة من اقتراب واشنطن من طهران،ومن عدم معاقبة النظام السوري؟.
اين نحن من نتائج اعادة رسم المنطقة سياسيا واقتصاديا وعسكريا ومذهبيا ونحن نرى التقاسم يجري خلافا لاتكاء سياساتنا خلال الفترة الماضية؟!.
مانخشاه حقا اليوم،ان نكون «فرق حسابات» في المنطقة،اذ لانجلس في حضن اقليمي او دولي محدد،بل ان الاحضان كلها تتقلب،وتتغير سراً وعلناً،والاغلب ان خسارتنا كبيرة،فلا قدرة لنا على ترميم العلاقات مع المعسكر الايراني السوري العراقي،ولاموقع لنا في دول الاسلام السياسي مثل تركيا وقطر،ولاتحالفنا مع الدول التقليدية ،بات مفيداً امام التغيرات التي نراها.
الاردن يخضع لظروف حساسة هذه الايام،وتقاسم النفوذ في المنطقة،والتسوية الكبرى الجارية،التي بدأت تتسرب تفاصيلها وملامحها تطرح سؤالا مهماً،حول موقعنا في الشرق الجديد خلال الاعوام القليلة المقبلة،والمراهنة على واشنطن لترسيم موقعنا وسط الحسابات الجديدة،مراهنة غير عميقة،لان واشنطن ذاتها تخلت عن كثيرين قبلنا،امام مصالحها والتسوية الكبرى التي تنخرط فيها.
بعض الدول العربية والاقليمية الكبرى تتمنى لو تقع مصيبة او حرب كبرى لاعادة خلط الاوراق في المنطقة،وحتى تنهار اي تسوية محتملة،على حساب نفوذها ،وكل مانرجوه ان لاتكون الحرب التي يتمناها البعض،امنية لنا ايضا لانقاذ سياساتنا،وبديلا عن الاقرار ربما بالحسابات الخاطئة.