تصوير "طبقي"
ألقى خطبة نارية تحدّث فيها عن انحيازه للطبقة الفقيرة ،وقتاله في سبيل الإبقاء على الطبقة الوسطى، وقد أسماهم : رفقاء الكدح وأشقاء الجرح ، ثم حمّل الرأسمالية مصائب الدنيا بدءاً من الجوع والحروب وانتهاء بمرض الحمى القلاعية وعرّج قليلاً على الامبريالية و”بصق” عن يمينه قائلاً :هذه ما تستحقه الامبريالية التسلطية الاستعبادية التي أوجدت هذه “الطبقية” المقيتة بين شعوب الأرض الذين خلقوا متساويين في الحقوق والواجبات ..ثم ضرب بكفّة العريضة عدة ضربات على “منصة ” الخطابة مما هزّ الميكروفونات وأسقط بعضها..فاقشعّرت أبدان الفقراء الجالسين على الرمل والحصى يستمعون لهذا الموقف الجرىء والفريد في نفس الوقت وهو يصرخ بأنه لن يستسلم ولن يتراجع ولن يهادن…وما أن نزل عن آخر درجات المنصة حتى سقط مغشيّاً عليه..فهرع الحضور إلى المناضل، ثم قاموا بنقله الى المستشفى..
أدخل إلى جهاز التصوير الطبقي ..مرّ وميض أزرق على الرأس وأجزاء من الصدر والمعدة ،وأثناء ضغطه على أزرار الماكنة جحظت عينا فنّي التصوير عندما شاهد سبعة أبراج سكنية معنونة بأسمائها ، ومرصوصة في بطن المناضل : برج الشعب، برج النضال، برج الجماهير ، برج الكفاح، برج التشارك، برج المساواة ،برج المبادىء..بالإضافة الى عشر مزارع للخضار والفواكه ،وخمس شركات استثمارية وتسع مؤسسات مالية وقسيمة عطاء لتوسعة “مخيّم ” ، وست مدارس خاصة نموذجية، وسلسلة مطاعم سياحية تحمل اسم “الأمة” ..وكلما نزلت الصورة الى المعدة كلما ظهرت صور المشاريع والاستثمارات بوضوح، وكلما صعدت تجاه الرأس كلما ظهرت المبادىء التي تحارب الرأسمالية و الإقطاعية والتي تتحدث عن المساواة والتكاتف والنضال..وما أن أنهى التصوير حتى شرع الفني بكتابة التقرير..اقترب أحد مرافقي الرمز الوطني ليسأله ” طمنّا عن أبونا الرفيق!!…فقال الفاحص: بصراحة!!..حسيت حالي بـتفرج ع “جوجل أيرث” ما ظل بناية او عقار او قطعة أرض مميزة إلا شفتها ببطن الرفيق..ثم سأل:
الفني: صحيح هو شو بيشتغل الحج!!.
فقال المرافق بحدّة: ما بتعرفه!! هذا ناذر كل حياته للدفاع عن الجماهير والبلد..
الفني: وع قدّ ما هو خايف ع البلد راح بلعها ؟؟….
المرافق: شو بين معك؟؟
الفني: ولا شي..أنا أول مرة بشوف واحد من “السُّرة” وفوق اشتراكي ..ومن السرة وتحت “رأسمالي”!!.