عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

ملف يثير القلق!

في جلسة مهمة ومثيرة، في مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، تناول المسؤولون المعنيون (في وزارتي العمل والصحة، والأجهزة الأمنية، والقضاء، ونقابة أصحاب مكاتب الاستقدام، والمركز الوطني لحقوق الإنسان) ملف عاملات المنازل، وما يطرحه من إشكاليات وتعقيدات متعددة. التركيز خلال الورشة وما خرجت به من توصيات -تعهد أمين عام وزارة العمل حمادة أبو نجمة، بوضعها موضع التنفيذ الفوري- كان على مشكلات أساسية، أبرزها قضية هروب العاملات من المنازل. وإذ لا توجد إحصاءات وأرقام دقيقة بشأن هؤلاء العاملات، تذهب تقديرات الأجهزة المختصة إلى أنّ عدد “الملتزمات بتصريح العمل” هو قرابة 40 ألفا، فيمّا يبلغ عدد اللواتي “يعملن بصورة غير مرخّصة” حوالي 27 ألف عاملة؛ أي إنّ لدينا في الأردن حوالي 70 ألف عاملة منازل. هذا فيما تشير تقديرات أخرى، في الورشة، إلى أنّ العدد قد يصل إلى 90 ألف عاملة، أي أنّ هنالك قرابة 50 ألف عاملة لا يحملن تصريحاً، ويعملن بصورة غير قانونية. المشكلة الأكثر خطورة تكمن في أنّ نسبة من “العاملات غير المرخّصات” يصبحن جزءاً من “التجارة بالبشر”؛ إذ يقوم بعض السماسرة بتشغيلهن وابتزازهن واستغلالهن بصورة غير قانونية ولا إنسانية، في ظل قصور القانون المطبّق، بسبب عدم وجود عقوبات رادعة فيه لمواجهة السماسرة والخارجين على القانون، ما يجعل قطاعاً عريضاً وواسعاً وحسّاساً من أولاء العاملات خارج نطاق الرقابة القانونية والإدارية. من الجوانب المقلقة أيضاً، ما صرّح به الدكتور خالد أبو رمان، المسؤول في وزارة الصحة عن هذا الملف. إذ أشار إلى أنّ معظم العاملات يحضرن من مناطق فقيرة ومهمّشة، تنتشر فيها الأمراض. وقد رصدت الوزارة في الآونة الأخيرة تزايداً ملحوظاً في أعداد المصابات بالايدز والأمراض السارية الأخرى، بما يفوق كثيراً نسبة الإصابة بهذه الأمراض في الأردن، وذلك بعد أن تكون دول عربية أخرى رفضت استقبالهن، فيحاول أصحاب المكاتب الخارجية إيجاد بديل لهن في الأردن! وأشار إلى أنّ أغلب الفحوصات الطبية التي تجرى للعاملات في بلدانهن، غير دقيقة ولا مصداقية لها، ما يجعل المشكلة أعقد عندما تصل العاملات إلى الأردن، إلى حين إجراء الفحوصات الطبية لهن. وإذا تبيّن أنّ إحداهن مصابة بأمراض معدية، فإنّ المسألة تدخل في تعقيدات قانونية وإنسانية ومالية خلال عملية الترحيل. جوانب متعددة من المشكلات طُرحت، وتوصيات وأفكار مهمة قُدّمت للتعامل مع هذا الملف، أهمها -في ظني- الجانب الثقافي المجتمعي؛ أي مقدار وعينا، نحن الأردنيين الذين نستقطب العاملات، بالأبعاد المختلفة لهذا الملف؛ قانونياً وثقافياً وإنسانياً. وهو ما يوجب على الجهات المعنية التشدد أكثر، والتدقيق على مكاتب استقدام العاملات، وتعزيز الخطوات المسبقة قبل وصول العاملة إلى الأردن، بشأن مدى مطابقة القادمات للمواصفات المطلوبة. كما طُرحت توصيات أخرى، مثل تشديد العقوبة على المخالفات والمخالفين، وإيجاد آليات أكثر فعالية في الرقابة على وضع عاملات المنازل في الأردن، وتشديد الإجراءات القانونية والإدارية. الجانب الثقافي-المجتمعي الأهم الذي أتحدث عنه -إذا تجاوزنا المشكلات المتعددة التي تنشأ من الاختلافات الثقافية، ووجود العاملات في المنازل، وهي كثيرة بالمناسبة- هذا الجانب هو: هل يُعدّ أمرا صحّيا فعلاً أن تكون دولة مثل الأردن، تعد من الدول الفقيرة التي تعاني أزمات الفقر والبطالة والعجز الكبير في الموازنات والمديونية، فيها هذا العدد الكبير من “عاملات المنازل”، وهو ما لا يتوافر في الولايات المتحدة وأوروبا؟! ألا يفترض أن نقفز من التفكير في حلّ مشكلة العاملات، إلى القضية نفسها؟! هل يمكن استبدالهن بجليسات أطفال وعاملات محليات، بعد تأهيلهن وتوفير الضمانات القانونية والمجتمعية لهن؟!