سمفونية الولاء والانتماء
برزت في السنوات القليلة الماضية ظاهرة اعتقد انها من أخطر الظواهر التي بتنا نشهدها والتي تجسدت بوضوح اكثر خلال الاعتداء الذي حصل على مكتب رئيس جامعة آل البيت حيث انتهى المشهد بطرد رئيس الجامعة من مكتبه مع معزوفة ظاهرها يُناقض باطنها ويأتي استخدامها للتستر على فعلتهم التي استهجنها الشعب بكافة اطيافه اذا اطلق المعتدون هتافين متناقضين ( يعيش جلالة الملك …ارحل ارحل ) هذا المشهد الذي يتكرر في مشاهد واشكال مختلفة يتناقض مع رؤى وتطلعات جلالة الملك وكل الصادقين في انتمائهم وحرصهم على مستقبل الاردن حيث التطلعات ان نصل فعلا لا قولا وتنظيرا الى دولة المؤسسات والقانون التي تسودها العدالة بكل معانيها والتي بتنا نشهدها يوميا عبر مواقف وتصرفات لكثيرين ممن يعتقدون ان اختبائهم وراء عباءة الملك بمثابة افضل واقصر الطرق لتمرير اجنداتهم والوصول الى مبتغاهم وتكسبهم على حساب الصالح العام . والبداية كانت حين سنحت الفرص على مر السنين لسين وصاد ان يحظوا بثقة القيادة فتولوا مناصب متقدمة تتحكم في ادارة الدولة كرئاسة الحكومة أو الديوان الملكي أو جهاز أمني حيث ” الصولة والجولة ” لهم بالمفهوم العام اذ حرص كثيرون منهم على زرع أعوان ومحاسيب لهم في مختلف مفاصل الدولة الاردنية والذي كان يتم وما زال دون اسس تأخذ بعين الاعتبار الكفاءة والمقدرة ومثل هؤلاء الذين هبطوا على مواقعهم بالباراشوتات فان اخلاصهم وانتماءاتهم يكون في المقام الأول لمن أوصلهم لمواقعهم وليس للوطن والقيادة وبالتالي يبقون رهن اشارة اولياء نعمتهم لكنهم يحرصون على اداء تمثيلي منقطع النظير في اطلاق مختلف مفردات الولاء والانتماء . لا بل زاد بعض كبار المسؤولين أن تبنوا محترفي التلون والنفاق والمراوغة من كتبة الدعسة الفجائية بتعينهم في وسائل اعلام محسوبة على الدولة ودعمهم بشتى السبل ماديا ومعنويا . بماذا نفسر تولي وزير خرج من حكومة اسقطها الشعب وكان الأسوء فيها لمنصب آخر وبراتب خيالي اضافة لراتبه التقاعدي الذي تحقق له دون ان يُمضي سنوات التقاعد كما هو الأمر بالنسبة لباقي الموظفين وماذا نقول في شخص يملك مركزا للعلاج بالأبر الصينية والذي كان احد زبائنه رئيس وزراء سابق اذ كانت المكافأة لمالك المركز نظير محافظته على (شيبوبة الرئيس ) ان افرد له حقيبة وزارية في حكومته وبماذا نُفسر تعين وزير ونائب وسفير سابق يتقاضى راتبا تقاعديا حيث استجاب احد رؤساء الحكومات خلال حفل عشاء لطلب المعزب المحترف بفنون الإبتزاز وأمر بتعينه رئيسا لمجلس ادارة شركة تُسيطر على رأسمالها الحكومة وهو الذي قال يوم تمت احالته على التقاعد بأن ” ذيل الدولة أعوج ” . وكيف نفسر اقدام رئيس حكومة على اختياره لنديم له في جلسات الأنس ليكون عضوا في حكومته ولأشهر معدودة ومن ثم اخراجه من الحكومة وتعينه فورا رئيسا لمجلس ادارة شركة وبراتب يتجاوز ضعف راتبه التقاعدي . وتحت أي مسمى أو تبرير يتقاضى رئيس حكومة سابق بالاضافة لراتبه التقاعدي راتبين أخرين خلاف بدلات عضويته في عدة مجالس ادارة وكذلك الأمر بالنسبة للعديد من المسؤؤولين الذي احيلوا على التقاعد (وزراء ومدراء وقادة أجهزة امنية .. ) وجرى تعينهم اعضاء في مجلس الاعيان أو في مناصب اخرى بعقود خيالية والذي يتم في اغلب الأحوال بتزكية من شخص ما زال يحظى بثقة المرجعيات رغم ان من زكى يحظى بسجل معتم ولم يترك بصمات يُسجلها التاريخ له لكنه يتقن عزف سمفونية الولاء والانتماء. كيف بنا ان نخرج من مستنقع الشللية والفساد الآسن الذي صنعته ايادي آثمة لم يعنيهم في يوم من الأيام سوى تحقيق مصالحهم والذي يتطلب المحافظة على قدرتهم في التحكم بادارة شؤون الدولة في كل زمان ومكان . لـ سمفونية الولاء والانتماء قصص وحكايات تطول وتطول ولن تعتدل مسيرتنا ما دام بيننا مثل هؤلاء كالسوس ينخرون في جسد الوطن ويتفنون في وضع العصي بدواليب مسيرة الاصلاح التي ننشد .
كتب . ماجد القرعان