خط احمر
وكأني مصاب بعمى الالوان،اذ ارى كل ما حولي بات لونه احمر وتدرجاته المتعددة،من كثرة ما نسمع تهديدات وتلويحات،حول الخطوط الحمر في حياتنا،فالخط الاحمر من امامي ومن خلفي،وعن يميني وشمالي،ومن فوقي وتحتي على حد سواء.
سعر الخبز خط احمر،والوحدة الوطنية خط احمر،قوت المواطن خط احمر،الاستقرار خط احمر،الاساءة لدول عربية خط احمر،الحريات الاعلامية خط احمر،تهريب السلاح خط احمر،الشغب في الملاعب خط احمر.
اسعار الملابس خط احمر،سعر الوقود خط احمر،استقرار الخزينة خط احمر،العلاقة مع العراق خط احمر،العلاقة مع فلسطين خط احمر،العلاقة مع كمبوديا خط احمر ايضا،وتجاوز السرعة خط احمر،وهيبة الدولة خط احمر.
المصيبة ان عدد الخطوط الحمراء التي يتم انتاجها يوميا في وجوهنا،بات كبيرا الى الدرجة التي بات كل ماحولنا احمر في احمر،والمصيبة الاخرى ان من يستمتع بتحديد الخطوط الحمراء في حالات،هو اول من يقفز عليها،جهارا نهارا.
هذا التعبير بات باهتا،ولم تعد له قيمة ابدا،من كثرة استعماله،عند كل قصة،والخط الاحمر الوحيد الذي لا يتنبه اليه احد،هو الشعب،فهذا الشعب يتم القفز كثيرا عن حياته التي باتت صعبة اقتصاديا بطريقة منهكة جدا.
لا يعرف الاردني من اين يتلقاها على رأسه،وبرغم ذلك يتم تعريف الخطوط الحمراء المفروضة عليه،والمطلوب منه التنبه اليها؟!.
في السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة،لا احد يتنبه الى النتيجة الاجمالية،وهذه النتيجة التي لا يقرها احد تتعلق بمكابدة الناس لحياة اقتصادية صعبة جدا،والمشكلة ان السياسات الاقتصادية تواصل ذات نهجها،وكأن لا احد يفكر ابدا في حياة الناس التي باتت ضربا من ضروب الحرق في النار،والتعذيب بالغلاء والاسعار.
فقدت الاشياء قيمتها،فكثرة الكلام عن الخط الاحمر،لم يعد مثيرا لاهتمام احد،ولا خط احمر فعليا،سوى الناس،وهذا الخط يتم القفز عنه يوميا،بوسائل مختلفة،ويكاد ان يكون الخط الاكثر خرقا واختراقا،لعل بعضنا يتذكر ايضا هذا الخط وما يعنيه.