ترتفع الأصوات الوطنية المسؤولة، المطالبة بأن يكون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، استعمالا خيّرا راشدا، كما ينبغي ان يصبح.
هذه النداءات تكتسب أهمية كبيرة عندما تصدر عن قدوات محترمة وشخصيات وازنة مشهود لها بالصدق وعفة القول والمسؤولية فيما يصدر عنها من تصريحات واقوال وافعال، فلا هي لعّانةٌ و لا شتّامة ولا هدّامة. يحاذرون ويراعون ان العنف اللفظي، هو من قماشة العنف التكفيري والعنف الجسدي والعنف المسلح الإرهابي.
لا يزال شعار الاتحاد العام للصحفيين العرب «حرية – مسؤولية». وهو شعار سديد تم تطبيقه على الصحافيين العرب المهنيين المسجلين في نقاباتهم الوطنية، لما كانت المهنة لا على المشاع كما هي الحال الآن. أما وقد أصبح كل مواطن إعلاميًا وكل هاتف نقّال ذكي كاميرا ومسجلا ومحطة بث تلفزيون فضائي ووكالة انباء، فقد بات مستحيلا ان تظل الحريات الإعلامية والصحافية، مقرونة بالمسؤولية.
نتحدث عن اشاعات مدمرة تطال الوحدة الوطنية والاقتصاد الوطني يتداولها عدد من الشخصيات الذين كنا نتوسم فيهم المسؤولية والاتزان والقدرة على التحليل وفرز حديث التلفيق من الخبر الصحيح الدقيق. يتلقون المنشورات فيعيدون ارسالها دون تحقق وتدقيق، خاصة تلك المنشورات التي فيها اسفاف وانحطاط ومساس بشرف الناس واعراضهم.
على من نعتب، إذا كان بعض الكبار سنّا ومقدارا، ينضوون ويصطفّون في طابور المغرضين والحاقدين والمندسين والمخبولين والمتعاطين، وضحلي الثقافة والمعرفة، والفقراء الى الاخلاق والنزاهة ؟.
انهم يرتكبون ما لا يدركون خطره عندما يساهمون في تدوير وتمرير منشورات الاشاعات والانتهاكات الفظة للأعراض والثوابت والقانون والدستور -حتى لو كانت صحيحة- وفي عدم الحد من تداولها، وفي عدم توجيه النصح واللوم لمن يتعاطاها.
وهم بذلك انما يُسمّنون وحشا سينقض على سلامنا الاجتماعي ونمط عيشنا المعتدل وعلى العدالة والحق والخير والجمال. ولا ضمانة ان من يسهم في التسمين سيكون آمنا من شرور الوحش الذي انطلق من القمقم.
وسوف اتوكأ على ما كتَبه المهندس مبارك الطهراوي على صفحته على الفيسبوك اليوم فأقتبس: «…رجال ونساء يغادروننا ويبقى ما كتبوا على الفيسبوك كصحيفة لاعمالهم. لا احد منا يعرف متى سيعود الناس ليقرأوا آثاركم. فحاولوا ان تكون آثاركم مدعاة لأن يترحم الناس عليكم». (وهل يَكُبُّ الناس على وجوههم في جهنّم الا حصائد ألسنتهم).
ولعلنا لا ننسى ان إحدى أكبر قواعد التنصت الإلكتروني في العالم، وأهم وأكبر قاعدة تجسس إسرائيلية، مقامة في جنوب فلسطين وتسمى الوحدة 8200. ومسؤوليتها فتح صفحات وحسابات على منصات التواصل الاجتماعي لأشخاص ومجموعات مثل: فيصلي وحدات. سني شيعي. مسيحي مسلم. اردني فلسطيني. كردي عربي. قبطي مسلم. وتقسيمات مختلقة عديدة بهدف التشويه والتشويش وإذكاء الطائفية والعصبيات البدائية والغرائزية والعنصرية والاقليمية والجهوية والمذهبية واشعالها حسب رغبتهم، مزودين بفريق انتاج واخراج عالي المستوى، يجيد اللغة حسب الموضوع المطروح.
نحتاج الى معادلة تكفل الحريات وتحقق المسؤولية التي تحول دون الانفلات واستباحة الثوابت والقوانين والحقوق والأعراض.
نريد حرية تضمن الحريات ولا تؤدي إلى الانفلات.