0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

مأزق حماس في «داخلها» أم مع مصـر؟!

على نحو متسارع، تتردى العلاقات بين مصر وحماس … المؤتمر الصحفي للعقيد أحمد علي، كان بمثابة لائحة اتهام للحركة، تصدر عن الجيش، بعد أن صدرت لوائح شبيهة لها عن جهات سياسية وإعلامية مصرية عديدة … والمؤسف أن ردة فعل حماس كما تبدت في المؤتمر الصحفي للناطق باسم حكومتها أو عبر الاستعراضات العسكرية “المفاجئة” التي نظمتها كتائب القسام، قد عمّقت الأزمة بدل أن تساعد على احتوائها و”حلحلتها”.
النظام المصري الجديد يتهم حماس بالتورط ميدانياً في استهداف الجيش ومساندة إخوان مصر وتدريب وتسليح عناصر جهادية وإخوانية، وهذا ما تنفيه الحركة جملة وتفصيلاً، ولقد اتصل الأخ إسماعيل هنيّة بكاتب هذه السطور، ليؤكد براءة الحركة من الاتهامات المصرية، لكن “التورط السياسي والإعلامي” للحركة في الشؤون المصرية الداخلية، يضعف موقف حماس، ويُعقّد مهمة الوسطاء وأصحاب المساعي الحميدة، ولا يحمل المصريين على تصديق نفيها المتكرر للتدخل في الشؤون المصرية الداخلية.
لقد تبنت حماس “الرواية الإخوانية” بحذافيرها لما جرى ويجري في مصر، وشنّت أجهزتها الإعلامية والصحفية، ولا تزال، هجوماً عنيفاً على النظام الجديد (الانقلاب)، ودعمت “الشرعية” و”مرسي” وكرست جُلّ ساعات بثها وصفحاتها للدفاع عن إخوان مصر ورئيسها المعزول، ما عُدّ تدخلاً سافراً في الشأن المصري، لا يقل أهمية (خطورة) عن التدخل الأمني أو التورط في التدريب والتسليح، وبات صعباً على كل حريص على العلاقات المصرية – الحمساوية، إقناع الجانب المصري، بضرورة توخي الحذر قبل إطلاق العنان لسيل الاتهامات الذي لا ينقطع ضد حماس وحكومتها.
لقد اقترحت على الأخ “أبو العبد”، ضبط الأداء الإعلامي للحركة حيال الأزمة المصرية، واعتماد سياسية النأي بالنفس، سياسياً وإعلامياً، وإبقاء العواطف الخاصة التي تحتفظ بها الحركة حيال “الجماعة الأم” في الصدور، انطلاقاً من قاعدة تغليب مصلحة الجماعة الوطنية الفلسطينية على مصلحة “الجماعة الإخوانية”، أو من باب براغماتي، انطلاقاً من الحرص على مصلحة حماس حكومة وحركة في المقام الأول والأخير … وإذ أبدى رئيس حكومة غزة تفهماً لاقتراحنا، بل ووعد بالعمل في هذا الاتجاه، لم نجد شيئاً فعلياً قد تغيير، وإن كانت حدة اللهجة قد تبدلت بصورة طفيفة مؤخراً، ومؤخراً جداً.
ولا أدري في الحقيقة أية مصلحة يمكن لحماس أن تجنيها من وراء “الاستعراضات العسكرية” المدججة بإشارات “رابعة” وصور مرسي وشعارات الجماعة في مصر، وكيف يمكن لأحد أن يفهم، أن هذه الاستعراضات موجهة ضد إسرائيل، وليس ضد الجيش المصري … لا أدري في الحقيقة من هم صاحب الرأي (القرار) بفعل ذلك، وإلام يهدف وما الذي يتوقع أن يحققه بهذه العراضات والاستعراضات التي لا تقدم ولا تؤخر … كما أنني وغيري من المراقبين، بتنا نخشى أن تكون “رسالة” هذه الاستعراضات، موجهة للداخل الفلسطيني، وتحديداً لأهل القطاع وقواه السياسية المعارضة لحكم حماس وحكومتها، تحت ضغط الخشية من “تمرد غزة” أو إعادة إنتاج السيناريو المصري في القطاع المحاصر، مثل هذا التقدير إن صح، يحمل في طياته أوخم العواقب وأسوأ التوقعات.
ثمة في حماس من يعتقد على أن بيد الحركة ورقة لن تستطيع مصر أن تتجاهل أهميتها، وأنها كفيلة بدفع القاهرة للتعامل مع “الأمر الواقع” في غزة، كيفما كان، وأعني بها ورقة التلويح بفتح جبهة مع إسرائيل، وإحراج مصر ووضعها في أضيق الزوايا … مثل هذه المقاربة، أقرب ما تكون إلى “المقامرة”، وهي سلاح ذو حدين، أخشى أن الحد الذي سيصيب حماس منه، أشد مضاءً من الحد الذي قد يجرح مصر أو يحرجها أو يخدشها، سيما بوجود محور عربي فاعل، لا يخفي رغبته في عزل الحركة وإسقاطها، قبل أن تتمكن الحركة من ترميم علاقاتها مع ما كان يعرف بـ”محور المقاومة والممانعة”، هذا إن كان لمثل تلك العلاقات أن تترمم.
وثمة في حماس من يرى أن حرب الجيش والمخابرات المصرية ضد الإرهاب في سيناء، ستملي على النظام المصري الجديد، مد يد التعاون مع حماس، شاء أم أبى، وهنا أيضاً يمكن القول إن هذه المقاربة، تنطوي على قدرٍ كبيرٍ من “المقامرة”، فمصر تستطيع أن تخنق قطاع غزة، وسط تفهم قطاعات واسعة من الشعب المصري، وفي أسوأ الحالات، مصر تستطيع أن تخنق حماس في غزة، وبأقل قدر من الاعتراض العربي الرسمي والشعبي، بل وربما، بدعم عربي رسمي واسع، وتفهم يصل حد التواطؤ، من قبل قطاعات من الرأي العام العربي، لم تعد تُكنُ لحماس “الود” و”العطف” اللذين كانت تكنهما لها قبل التحولات الكبرى في مواقف حماس ومواقعها وتحالفاتها.
على أية حال، كنّا نظن أن حماس، ستهرع إلى إصلاح ذات البين مع مصر، ومن موقع أنها صاحبة المصلحة الأولى في ذلك، دع عنك المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني بعامة وأهل غزة بخاصة … وكنا نظن، أن حماس ستجند كل من بمقدوره أن يقول كلمة طيبة أو يتقدم بمسعى حميد لدى القاهرة لتفادي الانزلاق في آتون الهاوية … لكننا لم نر قيادة الحركة تبذل مثل هذا الجهد، أقله على حد علمنا وعلم المصادر المصرية التي نتحدث إليها … وبدل ذلك، رأينا إصراراً على تبني “الأجندة الإخوانية”، ومقامرة بمصلحة حماس و”المصلحة الوطنية الفلسطينية” الأعم والأشمل.
لا يكفي أن تتهم حماس فلول النظام السابق باستهدافها، ولا يتعين عليها أن تستمرئ الرواية الإخوانية التي ما زالت تؤكد أن غالبية الشعب المصري يقف خلف حكم مرسي والمرشد، وأن “الشرعية” عائدة لا محالة، وأن مرسي سينطلق للمرة الثانية من السجن إلى القصر الجمهوري … الصورة باتت اليوم أكثر تعقيداً، والرهانات القديمة لم يثبت صحة أي منها، والمكابرة هي أقصر طرق “المقامرة”.
الوقت لم يفت بعد، على قيام حماس بإطلاق تحرك واسع باتجاه مصر، وتجنيد الحلفاء والأصدقاء لإجلاء الصورة وتبديد المخاوف والشكوك وتوضيح الموقف … الوقت لم يفت بعد، لمعالجات تبدأ بالمصالحة الوطنية الفلسطينية ولا تنتهي بتطبيع العلاقات مع مصر، أقله لرفع الحصار عن غزة، وفتح المعابر الشرعية، بعد أن تولّد رأي عام مصري، غير متعاطف مع الأنفاق وتجارة التهريب، دعم عنك “تهريب” عناصر القوة والاقتدار العسكرية.
وثمة مؤشرات مقلقة يمكن للمراقب أن يتعقبها، خصوصاً حين يتصل الأمر بآليات اتخاذ القرار في حماس، بعد أن غابت أسماء كبيرة عن “السمع” و”البصر” منذ عدة أشهر، وبعد أن صعدت أسماء ووجوه محسوبة على التيار الأكثر راديكالية في الحركة … والخلاصة ان إدارة أزمة العلاقات الحمساوية المصرية، تدفعنا اليوم، مثلما تدفع كثيرين غيرنا، للسؤال عمن يتخذ القرار في حماس، وكيف يُتخذ هذا القرار.