كبسولة استشراقية اسمها ماكين!
لا أعرف بالضبط كم هو عدد الكلمات المترادفة في لغتنا والتي تعني الاستخفاف والاستهانة!، لكنني أحسست بها كلها حين شاهدت السناتور ماكين يعبث بالموبايل ويلعب القمار مع نفسه طيلة ثلاث ساعات كانت مكرسة لتحريض الكونغرس على التصويت لصالح قرار أوباما بضربة عسكرية على سورية، فكل دم في هذا الكوكب حتى لو كان دم بقة أو بعوضة أغلى من دمنا العربي، وقتلانا الذين يعدون بالملايين مجرد أرقام صمّاء وبلا أسماء، لهذا ابتكرت طريقة جديدة للقتل هي الطائرة بلا طيار كي تكون حصيلة أي حرب قتلى من طرف واحد فقط، فالحرب ما بعد الحديثة اضافة الى الاستباق هي بين الحديد واللحم الذي سرعان ما يتحول الى فحم بشري بديل للفحم الحجري.
ان ضحايا امريكا ممن تصوروا ذات يوم أنهم حلفاؤها أكثر من ضحايا خصومها، والقائمة طويلة بدءاً من اورتيغا وبينوشيه والشاه وشفرنادزه وليس انتهاء بمن ينتظرون الدور بعد انتهاء الصلاحية.
شفرنادزه يعترف بأنه دمر الاتحاد السوفييتي كله من أجل ارضاء امريكا لكنها لم تتورع عن خذلانه وقلبت له ظهر المجن، كما قلبت لكل الشاهات والبينوشيهات على امتداد خطوط الطول والعرض لهذا الكوكب الرهينة!
ولو اتسع المقام هنا لأوردت ألف صفة للعربي أطلقها المستشرقون خلال قرنين سبق ان اوردتها في كتابي الاستشراق والوعي السّالب، والذي لم يجد المرسل اليه فأعاده ساعي البريد.
أقل تلك الصفات الكاذب والخائن وما قبل الانسان والشرير، وبالتأكيد قرأ السناتور ماكين هذه الصفات للعربي في طفولته وصباه، ثم أضاف اليها كمحارب قديم في فيتنام صفات أخرى تطلق على الآسيويين، لهذا جاء الاستخفاف، فالنفط أغلى بأضعاف من الدم، والبيرة أغلى من الدم وما يسيل في باطن نيويورك أغلى من الدم أيضاً، ذلك ببساطة لأنه دمنا.
أمريكا كما يعترف بعض أبنائها الذين يوصفون بالعقوق مثل ميلر وتشومسكي وغنربرغ هي حفيدة روما وليست حفيدة أثينا كما هي الحال في أوروبا، لهذا لا مجال للبحث عن فروسية أو مناقبية؛ لأن المارد الذي يفرط في استخدام قوته ضد كائن أضعف منه بكثير هو قزم في حقيقته، والحرب الكبرى في التاريخ ليست نووية أو بين قطبين، انها بين حق القوة وقوة الحق، وحق القوة عمره قصير لهذا سقطت امبراطوريات لم تكن الشمس تغيب عن مستعمراتها، وانتهت روما الى أطلال ومدرجات تعج بالسيّاح ويقرأ فيها الشعراء قصائد تمجد الحياة وتنطق باسم الضحية.