كيف ستترجم الحكومة الاشارات التي التقطها جلالة الملك؟
خلال الاحتجاجات التي شهدها الشارع الأردني مؤخرا على السياسات الاقتصادية للحكومة السابقة ومن على الدوار الرابع وغيره من الاماكن على امتداد هذا الوطن والتي اتسمت وقتها بالسلمية والحضارية فقد لوحظ مع التأكيد ان جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم حفظه الله قد التقط جملة من الاشارات التي صدرت عن حناجر المحتجين, الامر الذي دفع جلالة الملك الى الانحياز لعامة الشعب منذُ اللحظة الاولى دون تردد او تأخير, وعمل على اطفاء فتيل هذا الوهج بكل سلاسة وهدوء, والسؤال الكبير الذي يمكن طرحه على حكومة الرزاز هنا هو: كيف ستترجم الحكومة الجديدة جملة الاشارات التي التقطها جلالة الملك الى مشاريع وبرامج وخطط عمل تنعكس على حياة المواطن الاردني الذي صرخ ..وسكت؟
جلالة الملك التقط اشارة واضحة المعالم وعلى تردد عال تُدلل على ان لدى عامة الشعب الاردني معاناة اصبحت يومية في لقمة عيشه, ومع الاسف الشديد لم تلتفت الحكومات السابقة لمثل هذه المعاناة, واصبحت معاناة تراكمية, وجلالة الملك التقط اشارة واضحة المعالم وعلى تردد عال تُدلل على ان (اسلوب الحوار) البّناء يكاد يكون مُعطّل لدى الحكومات السابقة مع الاطراف المعنية الامر الذي ادى الى وجود شيء من الاحتقانات المُزمنة داخل فئات المجتمع الاردني, وجلالة الملك التقط ايضا اشارة واضحة المعالم وعلى تردد عال تُدلل على ان هناك (نِيَام) جمع نائِم عند بعض اعضاء السلطة التنفيذية انعكس ذلك سلبا على ادائهم الميداني بشكل واضح وكبير.
نعم جلالة الملك بمتابعاته الحثيثة للشأن الداخلي التقط اشارة واضحة المعالم وعلى تردد عال تُدلل على ان هناك نقابات واعية ومُدركة يمكن للحكومة بناء شراكات حقيقية معها من خلال وضع ارضيات صلبة مشتركة للنهوض ببرامج ومشاريع و خطط تنموية تنعكس على سلة الامان والامن الاقتصادي لدينا, واكثر من ذلك فقد التقط جلالة الملك اشارة واضحة المعالم وعلى تردد عال تُدلل على ان هناك بعض (الاغصان الجافة) في بعض مؤسسات الدولة وانه يمكن اعادة هيكلة هذه المؤسسات من جديدة للتخلص من مثل هذه الاغصان التي باتت تأخذ ولا تعطي.
اعتقد جازما ومن خلال اطّلاعي المتواضع عل بعض الامور الداخلية وتحليلها, اعتقد ان نجاح الحكومة الجديدة – والفرصة قائمة – مرهون تماما بكيفية استقبال وفهم وترجمة الحكومة الجديدة لمثل هذه الاشارات التي التقطها جلالة الملك, ترجمة ذلك الى برامج وخطط ومشاريع عمل تنعكس على حياة الشعب الاردني الذي ينتظر ويأمل لمثل هذا الانعكاس في قادم الايام, فهي اشارات ترددها عال, وذبذباتها مرتفعة, والتقاطها يحتاج الى حواس عالية الجودة والكفاءة,..كيف لا وهي اشارات من حناجر اردنية وتحتاج الى استجابة اردنية ايضا.
والسؤال هنا للحكومات السابقة والحكومة الجديدة منها وبكل صراحة, نقول الم يطرح جلالة الملك عبد الله الثاني بطريقة او بأخرى ومن خلال الاوراق النقاشية السبعة المعروفة للجميع مفاتيح لمثل هذه الاشارات والمطالب الشعبوية؟ الم يوجه جلالة الملك الحكومات السابقة من خلال الاوراق النقاشية السبعة للعمل على منهج الحوار البّناء مع جميع الاطراف المعنية؟ وان يلمس المواطن الاردني تحسنا في مستوى معيشته اليومية, والعمل على اعادة هيكلة مؤسسات الدولة, وهي بالمحصلة الاشارات التي التقطها جلالة الملك مؤخرا من خلال صرخات الشارع الاردني.
الجواب على هذه التساؤلات بنعم لقد طرح جلالة الملك حفظه الله كل ذلك في اوراقه النقاشية السبعة المعروفة والمعلنة للجميع والتي طُرحت من اجل النقاش وليس من اجل وضعها في الادراج او على اسطح المكاتب, لكن للأسف الشديد انطبق على حكوماتنا السابقة بيت الشعر القائل: (لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي), ونقول لقائل هذا البيت وهو الشاعر عمرو الزبيدي عليك ان تغير عجز البيت..فكلنا امل من الحكومة الجديدة ان يكون فيها حياة عند مناداتها.
بقلم : الدكتور رشيد عبّاس