0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

هل انخفضت احتمالية الحرب؟!

انسحبت لندن من تحالفها مع واشنطن التي تعلن انها تريد توجيه ضربة للنظام السوري،والحكومة البريطانية واجهت ممانعة في مجلس العموم البريطاني الذي صوت ليلة الخميس ضد شراكة لندن في الحرب المحتملة.
هناك تأويلات شتى تقرأ موقف البريطانيين،باعتباره قد يمنع واشنطن من توجيه ضربة عسكرية الى دمشق الرسمية،وعلى الرغم من ان الانسحاب البريطاني،ليس سهلا،وتسبب بزلزلة كبيرة لموقف واشنطن،الا ان هذا الموقف هو الثالث من نوعه للبريطانيين،في تركهم للامريكيين فرادى.
سابقا رفضت الحكومة البريطانية المشاركة في حملة تقودها الولايات المتحدة ضد فيتنام عندما قرر رئيس الوزراء البريطاني الاسبق هارولد ويلسون عدم اشراك القوات البريطانية في حرب فيتنام، كذلك قرار رئيس الوزراء الأسبق جون ميجور فيما يتعلق بالأزمة الصومالية عام 1992.
لماذا اتخذت لندن هذا القرار المفاجئ وطبول الحرب يتم قرعها في كل مكان في العالم،فالبريطانيون لايتخذون قرارا مثل هذا الا لاعتبارات عميقة جدا،ترسم اساسا الفروقات في القرار بين اهم مركزي قرار في العالم اي لندن وواشنطن،والاجابة على السؤال تشمل عدة سيناريوهات؟!.
أجواء البريطانيين ذاتها معاندة للحرب والتدخل في حروب الاخرين،خصوصا،بعد تجربة العراق،واغلبية البريطانيين ضد الشراكة في اي حرب،وهذا الانطباع صحيح،الا انه لم يصمد حين رأينا لندن تتدخل في الحرب ضد النظام الليبي،فمركز القرار البريطاني في مجلس العموم والحكومة قد يتأثر بالرأي العام،غير ان الرأي العام هنا ليس فاصلا في القصة ومآلاتها.
هناك سيناريو ثانٍ يتم تداوله حول تقييمات لندن للضربة العسكرية المحتملة اذ تعتبرها لندن انها ستكون غير مفيدة،وقد تكون سببا في جر المنطقة الى حرب اقليمية كبرى تهدد مصالح لندن،والحرب الكبرى خيار لايريده البريطانيون كما رفاقهم في واشنطن،وتقييمات الاخطار على ذات بريطانيا ومصالحها يفسر سحب لندن يدها من هذه الشراكة تحوطا من توسع الاعمال الحربية،وحتى لاتجد بريطانيا نفسها غارقة في حرب عالمية.
من هذه الزاوية فإن مجلس العموم قدم خدمة جليلة للحكومة البريطانية بإعفائها من حرج الاعتذار،ومنعها عبر النواب من التدخل العسكري،وهو تدخل لاتريده لندن سرا،وليس أدل على ذلك من تناقض التصريحات في لندن،حول الرغبة بالتدخل العسكري مباشرة،وتارة عبر الامم المتحدة،وهذا يعني ان الحكومة والنواب البريطانيين كانوا يعملون معا،لهدف واحد نهائي.
السيناريو الثالث يتحدث هنا عن ان لندن وواشنطن تنسقان معا،وانهما باتا لايريدان اي ضربة عسكرية ولو محدودة ضد نظام الاسد،وان انسحاب لندن من معسكر واشنطن مقصود لمساعدة اوباما في الخروج من ورطة التهديدات والحرب،لكونه بات وحيدا باستثناء دعم فرنسا وبعض الدول،وهذا يعني ان لندن توطئ لما ألمح اليه اوباما سابقا وقبل ايام حول ان العمل العسكري المحدود لن يؤثر على الواقع في سورية،ثم تصريحه حول ان واشنطن تدرس عدة خيارات ضد نظام الاسد،والعمل العسكري واحد من بينها،وهذا يعني وجود خيارات اخرى قد يكون من بينها فرض عقوبات عسكرية واقتصادية بدلا من الضربة العسكرية.
هذا كلام فسره مراقبون على انه بداية تراجع امريكي عن كل فكرة العمل العسكري الموسع او المحدود،وبهذا المعنى تكون لندن قد خدمت واشنطن فعليا بأضعاف موقفها وظيفيا عبر التخلي عنها،شكلا،ومايترافق من ضغوطات صينية وروسية واشتراطات المانية لتوجيه اي ضربة ضد الاسد،والنتيجة تقول ان هناك شيئا ما يجري سرا قد يؤدي الى تجميد كل خيار العمل العسكري.
لااحد يحسم على وجه الخصوص سر موقف العموم البريطاني،واين يصب في نهاية المطاف،وهل جاء حماية للانجليز وحدهم من مستنقعات المنطقة،ام جاء استجابة للرأي العام البريطاني،او انه جاء ليعفي واشنطن في النتيجة من تعهدها بالانتقام من الاسد عبر ترك واشنطن وحيدة في بحر المتوسط،مما سيجعل اي عمل عسكري منفرد امرا صعبا جدا عليها،بحيث يكون تراجع اوباما مبررا لوجود اعتراضات عالمية وانسحابات في معسكر الحلفاء؟!.
يبقى السيناريو الرابع ويتحدث عن اتصالات سياسية سرية تجري وجرت خلال اليومين الفائتين مع نظام الاسد،بحيث تم الوصول الى تسوية غير معلنة حاليا تؤدي الى منع اي عمل عسكري،وهذه الصفقة تمت التوطئة لها بتراجعات في صوت طبول الحرب تدريجيا،وبحيث تتضح ملامحها لاحقا امام المنطقة والعالم،وهكذا صفقة ممكنة سياسيا،في عز تحرك جيوش العالم لشن اي حرب محتملة.
حتى نفهم السر وراء موقف لندن علينا ان نفتح عيوننا جيدا على الفترة من يوم الاثنين المقبل وحتى الاربعاء،فإذا تراجعت احتمالية الحرب تكون لندن هنا قد ساعدت واشنطن للخلاص من هذا المأزق،واذا تم توجيه ضربة عسكرية بشكل مباغت تكون لندن قد تركت واشنطن لمصيرها في مستنقعات المنطقة،وهي مستنقعات لن نجد خبيرا فذا مثل البريطانيين بأسرارها العميقة والضحلة، على عكس الامريكيين الذين لم يتعلموا ولن يتعلموا ايضا.